(٢) قال العلماء: ((وإن أخَّر طواف الإفاضة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع))؛ لأن المقصود من طواف الوداع: أن يكون آخر عهده بالبيت وقد حصل، فيكون مجزئاً عن طواف الوداع، حتى لو كان الحاج متمتّعاً أو قارناً أو مفرداً لم يسعيا بعد طواف القدوم، فإنه عند طواف الإفاضة يطوف سبعة أشواط، ثم يصلي خلف المقام ركعتين، ثم يسعى سبعة أشواط بين الصفا والمروة، ثم يسافر، وهذا الفصل بالسعي بعد الطواف لا يضر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة أن تأتي بعمرة بعد تمام الحج، فطافت وسعت وسافرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -[البخاري، برقم ١٥٦٠، ومسلم، برقم ١٢١١]، فقد حال السعي بين الطواف والخروج ولم يضر، وكذلك طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - طواف الوداع، وصلى الفجر وقرأ بالطور [البخاري، برقم ٤٨٥٣]، فهذا يدل على أن مثل هذا الفضل لا يضر، [الشرح الممتع لابن عثيمين، ٧/ ٤٠٠]. والأفضل أن يطوف طواف الإفاضة يوم النحر، ثم يطوف طواف الوداع عند الخروج من مكة. ولكن إذا أخر طواف الإفاضة أجزأه عن الوداع بشرط أن ينوي طواف الإفاضة؛ فإن نوى طواف الوداع ولم ينوِ طواف الإفاضة؛ فإن طواف الإفاضة لا يصح؛ لأنه لم يعينه بالنية. فإجزاء طواف الإفاضة عن طواف الوداع أو عدمه له ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن ينوي طواف الوداع فقط، فإنه لا يجزئ عن طواف الإفاضة؛ لأنه لم ينوِ الوداع. الحالة الثانية: أن ينوي طواف الإفاضة فقط، فهذا يجزئ كما تجزئ الفريضة عن تحية المسجد. الحالة الثالثة: أن ينوي طواف الإفاضة، وطواف الوداع، فهذا يجزئ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) [متفق عليه: البخاري، برقم ١، ومسلم، برقم ١٩٠٧]. قال الإمام الخرقي في مختصره المطبوع مع المغني، ٥/ ٣٤٦: ((وإن طاف طواف الوداع لم يجزه لطواف الزيارة)). قال ابن قدامة في المغني، ٥/ ٣٤٦: ((وإنما لم يجز عن طواف الزيارة؛ لأن تعيين النية شرط فيه على ما ذكرنا، فمن طاف للوداع فلم يعين النية له، فلذلك لم يصح)).