وَأَذَلَّتْكُمْ وَأَلْقَتْ عَلَيْكُمْ ذُيُوْلَهَا، وَلَوَتْ إِلَيْكُمْ حُبُولَهَا. فَكَمْ أَحْرَقَتْ كَبِدًا، وَكَمْ طَرَقَتْ وَلَدًا مَحْبُوبًا لِلْوَالِدِ، مَطْلُوبًا لِلْأَبَاعِدِ، قُرَّةً لِلْعُيُونِ، وَمَسَرَّةً لِلْمَفْتُونِ، وَنُزْهَةً لِلْقُلُوبِ، وَفَرْحَةً لِلْمَكْرُوبِ، وَأُنْسًا لِلْإِخْوَانِ، وَعُرْسًا لِلزَّمَانِ، فَاخْتَلَسَتْهُ بِنُزُولِهَا، وَأَخْرَسَتْهُ بِمُهَوِّلِهَا، وَأَسْكَنَتْهُ جَدَثًا، وأكسته شعثا (ش) ، فَأَصْبَحَتْ شَمَائِلُهُ دَفِينَةً، وَأَضْحَتْ وَسَائِلُهُ رَهِينَةً. تَبْكِيهِ الْمَنَازِلُ، وَتَحْكِيهِ الْجَنَادِلُ. فَإِيَّاكُمْ وَالطُّمَأْنِينَةَ، فَذَالِكُمُ الْغَبِينَةُ (ص) .
أَيْقَظَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ فَسَادِ الْغَفْلَةِ، وَأَنْهَضَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِزَادِ الرِّحْلَةِ» .
وَهُوَ بَاقٍ إِلَى جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ.
١٢٨- أَبُو الرِّضَا بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ ( ... - ٦٢٢ هـ)
سَأَلْتُهُ عَنِ اسمه، فقال لا أدعا إِلَّا بِأَبِي الرِّضَا، وَزُرَيْقٌ لَقَبٌ لَهُ (١) .
سَمِعَ أَبَا الْفَضْلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ الطُّوسِيَّ، وَكَانَ يَحْفَظُ أَشْعَارًا كَثِيرَةً/ يَلْحَنُ فِي إِنْشَادِهَا (أ) وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ وَزِيِّهِمْ.
أَنْشَدَنَا أَبُو الرضا زريق بن أحمد بن داود (ب) الْمُقْرِئُ الْمَوْصِلِيُّ لِنَفْسِهِ، فِي سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الآخرة من سنة خمس عشرة (ت) وستمائة (المديد)
شَرِبَتْ رُوحِي مَحَبَّتَكُمْ ... مِثْلَ شُرْبِ النَّفْسِ لِلَّبَنِ
وَجَرَى فِي الْقَلْبِ ذِكْرُكُمُ ... جَرَيانَ الرُّوحِ فِي البدن
وكررت القول عليه بِالْيَمِينِ أَنَّهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لِي غَيْرَ مرة- والله أعلم-. وأنشدني، وذكر أنها للشافعي- رحمه الله-: (السريع)
مَنْ يَتَمَنَّ الْعُمُرَ فَلْيَدَّرِعْ ... صَبْرًا عَلَى فَقْدِ أحبّائه
ومن يعمّر يلق (ث) في نفسه ... ما يتمّناه لأعدائه (ج)
بَلَغَتْنِي وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.