ووصل مَعَهُ جملة من مال- كَمَا قيل- وتُوُفِّيَ بِإِرْبِلَ وقبره بقرية موقوفة عَلَيْهِ تعرف ببشيران (٢) ، من قرى بين الجبلين. إمام فَقِيه، عالم زاهد، وَإِنَّمَا كتبته هنا لغلبة الزهد عَلَيْهِ. زرته أول مَا وَرَدَ إِلَى إِرْبِلَ.
قَالَ أَحْمَد بْن شجاع: «سَمِعت سعد بن عبد العزيز المقرئ (ج) يقول: أول بداية طه أَنَّهُ مضى إِلَى النظامية صغيرًا ليشتغل عَلَى يُوسُف الدِّمَشْقِيّ (٣) ، وَكَانَ لَا يزال الفقهاء الأعاجم والأكراد يتضاربون فِي كلّ وَقْت بالمدرسة، فقدّر اللَّه أنّ طه ضرب فقيهًا من الأعاجم، فيقال إِنَّهُ مات.
فهرب إِلَى مكة وَأَقَامَ بِهَا ينسج التكك ويبيعها ويأكل، إِلَى أَن وَصَلَ من الهند إنسان يعرف بالتكروري، شريف الْأَصْل، مَعَهُ مركب موسق من الفضة، فتصدّق بِهِ عَلَى أَهْل مكة فِي يَوْم واحد منّا (ح) من الفضة. وطلب مَنْ يَكْتُب لَهُ إِلَى أهله فجاؤوه بطه، فكتب لَهُ وأمَّ بِهِ، ووصله فِي كُلّ شَهْر دينارين، وحسنت/ حاله عِنْدَهُ، وأرسله (خ) إِلَى بَغْدَاد، إِلَى إمام العصر، فحصل لَهُ جملة من عين وَغَيْره، وآلت بِهِ الحال إِلَى أَن استنابه قاضي مكة، فلمّا مات صار حاكما موضعه. قَالَ طه: كَانَ يعجبني دعاء السَّرو (٤) ، فسمعتُ شخصا مِنْهُم عَلَيْهِ أثر العبادة متعلقا بأستار الكعبة، وَهُوَ يَقُول:«يَا مَنْ هُوَ عفو كله.
ارحم من هُوَ ذنبٌ كلّه» . قَالَ: ورأيت امرأة بالبيت، رأت النَّاس متضرعين يدعون، فرفعت رأسها وقالت:«يَا من هُوَ رجاي وملتجاي، لَا أَعْلَم مَا يقَوْلون، فهب لِي مَا يطلبون» . هَذَا آخر ما نقلته من خطه (د) .
وكان بشير (ذ) عالمًا فقيهًا، لَهُ مصنف فِي الفرائض، وَهُوَ الذي يعرفون به (ر) ومصنف فِي الحساب (٥) ، إِلَى غَيْر ذَلِكَ، إمام معيد بمدرسة تعرف بالشيخ خضر بْن عقيل، وَسَافَرَ عَنْهَا ودرّس بغيرها.