هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ نوري المَرنْدي (١) ، قدم إربل حاجّا، وزار محمد أبن إبراهيم البستي، وألبسه الخرقة (أ) من يده. وكان شابا (ب) حسن الصورة لَهُ شعر، صحب البُستي إِلَى الحجاز، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة عرفة أوقع اللَّه عِنْدَهُ أَن أعتق مماليكه وجواريه، ووقف أملاكه ورجع إلى بلده على التجريد (ت) . وفارق أخاه وَأَصْحَابه من الجبل. وَوَرَدَ إِرْبِلَ وفي رجله جمجم (ث) وبيده إبريق، ومعه تحت يده وصيّ (ج) عتيق، ونزل بالمدرسة المعروفة بالخضر (ح) بْن نَصْر بْن عقيل (٢) فَسَمِعَ بِهِ عزّ الدين إلياس (خ) متولي إِرْبِلَ، فجاء إِلَى بَاب المدرسة وَنَزَلَ إِلَيْهِ فوجده عَلَى رأسه مئزر صوف وعليه مُرَقَّعة خشنة. فلمّا رآه بكى كثيرًا، وسأله عَنْ أَخِيهِ زين الدِّين نوري بْن مُحَمَّد (٣) ، فَقَالَ: فارقته عَلَى الجبل. فسأله عَنْ مماليكه وأمواله، فأخبره الخبر، / وَكَانَ فِي لسانه وقفة إِذَا تكلّم. فبكى وبكى من حضر. فَقَالَ: إنّ أخاك نوري بْن مُحَمَّد، كتب إليَّ إنك فقدت من الجبل، وَلَا أتركك تمضي إِلَى والدتك إِلَّا كَمَا يجب، وأن أمنعك من المُضيّ إِلَى أَن يردوا، وأن تتزيّا بزيّك الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ أوّل. فَقَالَ: وَأَنَا أشفع إليك ألا تكلّفني مَا لَا أطيق عَلَيْهِ. ففارقه وَلَم يقبل مِنْهُ شَيْئًا مما عرضه عليه (د) . ذكر ذَلِكَ أَحْمَد بْن شجاع بْن مَنَعَةَ، واختصرته.
قال (ذ) : وسمعتُ من أصحابنا مَنْ يَقُول: كَانَ أَحْمَد بن محمد بن نوري (ر) فِي خدمة مُحَمَّد بْن رَمَضَان التِّبْرِيزِي مُدَّةً طويلة، فَكَانَ ينفذه كلّ يَوْم إِلَى البستان ليأتي بالحطب، ويأمره أَن يحمله عَلَى رأسه. فكان يفعل ذلك