للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٠- ابْنُ الْقَصْطَلانِيِّ ( ... - بَعْدَ سَنَةِ ٦١٧ هـ)

هُوَ أَبُو الْخَيْرِ مُبَشِّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ (١) وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْقصْطَلانِيِّ.

سَأَلْتُ عَنْهُ الْمِصْرِيِّينَ، فَقَالُوا: أَكْثَرُ مَيْلِهِ إِلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ شَابٌّ رَأَيْتُهُ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، شَدِيدُ السُّمْرَةِ إِلَى السَّوَادِ مَا هُوَ، طَوِيلٌ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَقَامَ إِلَى ثَامِنِ الْمُحَرَّمِ/ مِنْ سنة سبع (أ) عشرة وستمائة (ب) . كَتَبَ إِلَيَّ عَلَى يَدِ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ يدعى محمدا:

(الوافر)

أَبَا الْفَضْلِاتِ كُنْتُ بِأَرْضِ مِصْرَ ... سَمِعْتُ بِذِكْرِكَ العطر النّسم

وقد وافيت أخبر ما روى لي ال ... ورى عن برّ نائلك الجسم

«كَانَ مُتَشَوِّقًا لِرُؤْيَةِ مَوْلَاهُ، كَثِيرًا مَا يَسْمَعُ مَدْحَهُ مِنْ أَلْسُنِ الرُّوَاةِ. وَلَمَّا قَدِمَ هَذَهِ الْبُقْعَةَ عَاقَهُ سُوءُ الْحَظِّ عَنِ التَّشَرُّفِ بِخِدْمَتِهِ، وعلائق المسافر عن التملّي (ت) بِرُؤْيَتِهِ. وَقَدْ حَفَّزَهُ الرَّحِيلُ، وَنَفِدَ زَادُهُ حَتَّى الْقَلِيلُ، وَهُوَ يَرْغَبُ عَنِ التَّثْقِيلِ، وَيَسْأَلُ أَنْ يُعَانَ بِزُوَّادَةٍ عَلَى رُكُوبِ السَّبِيلِ، «وَحَسْبُنَا اللَّهُ ونعم الوكيل» (ث) .

ثُمَّ اجْتَمَعْتُ بِابْنِ الْقَصْطَلَانِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَوَجَدْتُهُ طَلْقُ اللِّسَانِ. وَكَانَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبْيَاتًا قَافِيَةً (ج) ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُنْشِدَنِي مِنْهَا، فَأَبَى بَعْد طُولِ مُرَاجَعَةٍ أَنْ يُنْشِدَنِي، وَقَالَ: «مَا هِيَ لِي» .

فَقُلْتُ: لِمَنْ هِيَ؟، فَقَالَ: «لإِنْسَانٍ مِنَ الْقَاهِرَةِ يُدْعَى جَمَالَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ رُزْقِينِيٍّ (٢) هُوَ بِإِرْبِلَ» . فَاسْتَنْشَدْتُهُ غَيْرَهَا مِنْ شِعْرِهِ، فَامْتَنَعَ أَشَدَّ الامْتِنَاعِ، وَقَالَ: إِذَا عُدْنَا إِلَى الِاجْتِمَاعِ أَنْشَدْتُكَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- ثُمَّ مَضَى وَكَتَبَ إليّ بهذه الأبيات: (الطويل)

إلى ... (ح) أخي (خ) النّدى ... معاني أبياتي تتوق وتطرب

<<  <  ج: ص:  >  >>