للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي خَامِسَ عَشَرَ رَبِيعِ الآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عشر وستمائة: (المتقارب)

سَقَى اللَّهُ تُرْبَ أَبِي طَالِبٍ ... مِنَ السَّلْسَبِيلِ بِمُزْنِ سَكُوبِ

وَجَازَاهُ بِالْفَضْلِ أَسْنَى الْجَزَاءَ ... عَلَى حُسْنِ تَأْلِيفِ «قُوتِ الْقُلُوبِ»

وَلَقَّاهُ نَضْرَةَ دَارِ النَّعِيمِ ... وَأَسْكَنَهُ فِي جِوَارِ الْحَبِيبِ

كَمَا ضَمَّنَ «الْقُوتَ» سِرَّ الْعُلُومِ ... وَأَوْدَعَهُ كُلَّ مَعْنًى عَجِيبِ

إِشَارَاتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْعُقُولِ ... وَأَسْرَارُهُ مِنْ مَطَاوِي الْغُيُوبِ

وَيَكْشِفُ لِلْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ ... مَكَانَ الْهَوَى وَخَفَايَا الْعُيُوبِ

مَتَى خُصَّ عَبْدٌ بِهَذَا الْكِتَابِ ... وَفَهَّمَهُ اللَّهُ فَهْمَ اللَّبِيبِ

فَلَا مَسَّهُ نَصَبٌ بعده ... ولا مسّه أبدا من لغوب (ت)

هَذَهِ الأَبْيَاتُ كَتَبَهَا أَبُو الْبَقَاءِ هَذَا بِخَطِّهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ كِتَابِ «قُوتِ الْقُلُوبِ» الَّذِي بِيَدِ شَيْخِنَا أَبِي الذَّهَبِ أَمِيرِيِّ بْنِ بَخْتِيَارَ الأَشْنُهِيِّ، قَرَأْتُهَا عَلَى الْجُزْءِ وَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَذَكَرَ قَائِلَهَا وَأَنْشَدَنِيهَا عَنْهُ. ثُمَّ غَبَرْتُ مُدَّةً طَوِيلَةً فَأَخَذْتُهَا عَنْ ثَابِتٍ نَفْسِهِ. وَثَابِتٌ هَذَا شَابٌّ صُوفِيٌّ صَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيَّ وَتَآدَى بِصُحْبَتِهِ. / وَرَدَ إِرْبِلَ موات وَنَزَلَ بِخَانَقَاهِ الْجُنَيْنَةِ.

فِيهِ ذَكَاءٌ وَلَهُ طَبْعٌ مُؤَاتٍ فِي نَظْمِ الشِّعْرِ. وَسَمِعَ عَلَى السُّهْرَوَرْدِيِّ الْحَدِيثُ.

وَمِنْ شِعْرِ أَبِي الْبَقَاءِ مَا أُنْشِدْتُهُ عَنْهُ وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ- وَكَانَ يَكْتُبُ حَسَنًا- قوله: (الرمل)

أَعْقِلُوا الأَخْبَارَ عَقْلَ ... الرَّأْيِ لَا عَقْلَ الرِّوَايَهْ

فَكَثِيرٌ مَنْ رَوَاهَا ... وَقَلِيلٌ ذُو الرِّعَايَهْ

وَقَوْلِهُ، وأنشدته عنه ونقلته من خطه (ث) أيضا: (الكامل)

يَا هَادِمًا مُنْذُ الْوِلادَةِ عُمْرَهُ ... مِهْلًا فَمَا الْمَهْدُومُ إِلَّا زَائِلُ

إنَّ الْحَيَاةَ حَكَتْ بِنَاءً مَائِلًا ... حَتَّى مَتَى يَبْقَى الْبِنَاءُ الْمَائِلُ؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>