يجيء ويذهب عَلَى صدره. فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا خلاف مَا عِنْدَهُم، وَهُوَ أَنَّهُم لَا يصفون الذَنَب بالسبوغ إِلَى هَذَهِ الغاية، ألا ترى إِلَى قَوْل امرئ الَقِيَس (٧) :
«بضافٍ فُويق الأرض ليس بأعزل» (أأ) فجعله فويق الأرض، ليكون أبلغ فِي وصفه، فمدحوه بهذا كَمَا عابوا عَلَيْهِ قَوْله أَيْضًا: (المتدارك)
لها ذَنَب مثل ذيل العروس ... تسدُّ بِهِ فرجها من دبر (أب)
/ فما اجاب عن ذلك بجواب (أت) . وَسَأَلْتُهُ أَن يملي عليَّ من شعْره، فامتنع بَعْض الامتناع، وغضّ من نظمه، وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ: (الطويل)
يبرّد (أث) ناري فيه بارد ظلمه (أج) ... ويُضعف مَا ألقاه بارد ظُلْمِهِ
مُسالم سلمٍ دائما (أح) ربّ حربه ... ويؤذن (أخ) حربًا باغيًا ربَّ سِلمهِ
أيا مَلِكَ الْحُسن الَّذِي انقادت الورى ... إِلَيْهِ فما يأبي أمرهُ فصل (أد) حكمه
محبّك قدما كان يلقاك محسنا (أذ) ... فوقع لَهُ يجري عَلَى حسن رسمه
وَأَنْشَدَنِي لنفسه: (الطويل)
إِذَا لمست كفاي دمعي وجدته ... كجمر الغضا، بل مثله أصبح الجمر
وما ذاك إِلَّا أَن نار أضالعي ... تفور بدمعي مثل مَا فارت القدر
وأنشدني لنفسه: (الطويل)
إِلَى اللَّه أشكو من بُليت بحبه ... فحلّلَ عندي (أر) حبه فِي الهوى دمي
ومن كَانَ يلقاني فيبدي بشاشة ... فَلَمَّا درى مَا بي بدا بالتّجهّم
وأنشدني لنفسه (الطويل)
ألا أنَّ قلبي بعدكم ذو صبابة ... يسير بمسراكم وينزل حيثما
أهيم بذكراكم وأبكي لفقدكم ... وأسأل ربّي أن يردّك بعد ما
فأُقسم أَنِّي مُخلص فِي هواكمُ ... فيا ليت شعري عند حبي كيفما (أز)