وَكُنْتُ وجدت فِي ثبته فِي نسبه، مَرَّة يقدّم فِيهَا «غزال» عَلَى «شُقيرة» ، ومرة يقدم «شُقيرة» عَلَى «غزال» ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:
«هُوَ شقيرة بْن غزال» .
أَنْشَدَنَا من لَفْظه وحفظه: (الوافر)
ونارٍ لَو نفختَ بِهَا أضاءت ... ولكنْ أَنْت تنفُخُ فِي رمَاد
«لَقَد أسمعت لَو ناديتَ حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي» (أث)
/ وحَدَّثَنَا من لَفْظه، قَالَ: كنا نسمع عَلَى ابْن المُعلّم (٤٦) شعْره ومعنا أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد ابن المندائي، فلمّا وصلنا إلى قوله: (الخفيف)
ردّ نومي حاشاك من سهر اللّ ... يل لعليّ أراكَ عِنْد مَنامي
قَالَ: هَذَا البيت مَا هُوَ لِي، وَلَهُ قصة عجيبة لَا يليق ذكرها. فألزمناه بأن يحكيها. فَقَالَ: كان أَبِي شَيْخ الهُرْث (٤٧) ، فأصعد سفنا كَثِيرَة فِيهَا تمر إِلَى بَغْدَاد، وأمرني أَن أكون معها، وأن أنزل فِي دار صَدِيق لَهُ بِبَغْدَادَ- لَم يسمّه ابْن شُقيرة- قَالَ: فمضيت ونزلت به، فأقام لِي أحسن ضيافة ثلاثة أيام. فلمّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع طرق عليّ غلامه الباب، وَقَالَ: يَقُول لك سيدي «تَقُول بِهَا؟» (أج) فَقُلْتُ: نعم، ومضيت مَعَهُ إِلَى دار حسنة، فأحضر الخمر ودعا بمغنية أحسن النساء صورة، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا جميل الصورة، فجعلت تتابع النظر إليَّ، وسألت عنّي، فقيل لها: «هَذَا ابْن المعلم الشاعر» ، فغنت:
رد نومي حاشاك من سهر اللّي ... يل لعلي أراك عِنْد منامي
ثُمَّ قالت: «أجز» فقلت لوقتي: (الخفيف)
يا معير السّقام من عينه العشّا ... ق، هلا أعرت غَيْر السقام؟
رد نومي حاشاك من سهر اللّ ... يل لعلي أراك عِنْد منامي
وامح عني البكاء من قبل أَن ... يفضح سر الهوى الدموع الهوامي
ولماذا تحمي السّلام عن الصّبّ ... ببغداد وَهِيَ دار السَّلَام؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute