زِيرَانِيُّ الْمَنْشَأ. أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ وَرَدَ إِرْبِلَ وَأَقَامَ بِهَا، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ/ الصَّالِحِينَ، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ وَرَبَّ مَقَامَاتٍ، مِنْ أَصْحَابَ تَاجِ الْعَارِفِينَ أَبِي الْوَفَاءِ الْحُلْوَانِيِّ (٢) حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاعِظُ- أَبْقَاهُ اللَّهُ- قال: كان علي ابن الْهِيتِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- يَلْبَسُ الْخَشِنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَكَانَ يَلُفُّ عَلَى رْأَسِهِ قِطْعَةً مِنْ خَامٍ، وَلَمْ يُرَ قَطُّ مُضْطَجِعًا، إِنَّمَا كَانَ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ جَعَلَ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ تَصْفِيقَةً أَوْ تَصْفِيقَتَيْنِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَضَعُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَحَدَّثَنِي- أَيَّدَهُ اللَّهُ- قَالَ: كَانَ فِي كُلِّ ليلة لا بدّ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا يَسِيرًا وَلَوْ أَنَّهُ لُقْمَةٌ وَاحِدَةً، وَكَانَ لَهُ خَادِمٌ قَدْ عَرَفَ ذَلِكَ، فَكَانَ يَدَّخِرُ لَهُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَطْلُبَهُ. فَاسْتَدْعَاهُ وَأَصْحَابَهُ بَعْضَ الْأَيَّامِ إِنْسَانٌ إِلَى مَنْزِلِهِ- وَسَمَّاهُ- وَأَقَامُوا فِي السَّمَاعِ إِلَى أَنْ يُقَوِّضَ اللَّيْلُ، وَأَخَذَ أَصْحَابَهُ فِي النَّوْمِ فَأَغْفَوْا، وَجَعَلَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ صَاحَ بِخَادِمِهِ: «الْحَقْنِي بِكِسْرَةِ خُبْزٍ» . فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْء، فَمَضَى إِلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَأَنْبَهَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ خُبْزًا، فَأَخْرَجَ لَهُ خُبْزًا كَثِيرًا وَتَمْرًا، فَأَخَذَ الشَّيْخُ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَكَلَهَا، وَانْتَبَهَ أَصْحَابُهُ فَأَتَوْا عَلَى جميع ذلك كله (أ) .
وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي صَاعِدُ بْنُ عَلِيٍّ، قال: حدثني (ب) شَيْخُنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَلَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ (٣) مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ (٤) ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَوَالِدِي (٥) إِلَى زيارة (ت) الشَّيْخِ عَلِيِّ ابْنِ الْهِيتِيِّ، فَرَأَيْنَاهُ يُصَلِّي، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: «مَا هَذَا إِلَّا شَيْخٌ كَبِيرٌ، أَتَرَى لَهُ سَمَاعٌ؟» ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «لَسْتُ بِالْكَبِيرِ- كَمَا قُلْتَ- وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا» . فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا وَاجِمًا. / وكان من قبل (ب) أَنْ أَزُورَهُ تَلَكَّأْتُ فِي زِيَارَتِهِ، فَقَالَ لِي أَبِي: «لَا تَعُدْ بَعْدَهَا تُنْكِرُ كَرَامَاتِ الْأَوَّليَاءِ» . أَوْ كَمَا قَالَ. وَهُوَ مَدْفُونٌ بِزَرِيرَانَ (٦) وَقَبْرُهُ يُحَجُّ إِلَى الْآنَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ سِيَّمَا زمن الحاج.
قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ الْبَوَازِيجِيُّ (٧) ؛ لَمَّا قَدِمَ الشَّيْخُ عَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute