يعينك على أَمرك.
فَقَالَ: على مَا بيني وَبَينه؟ قَالَ: نعم، فَإِن الرجل أريحي كريم.
قَالَ: فَحَملته حَاله على قبُول ذَلِك، فَدخل إِلَى غَسَّان، فَقَامَ إِلَيْهِ، وتلقاه بجميل، ووفاه حَقه.
فَقَالَ لَهُ: إِن الْحَال الَّذِي بيني وَبَيْنك، لَا يُوجب مَا أبديته من تكرمتي.
فَقَالَ: ذَاك حَيْثُ تقع المنافسة عَلَيْهِ والمضايقة فِيهِ، وَالَّذِي بيني وَبَيْنك بِحَالهِ، ولدخول دَاري حُرْمَة توجب لَك عَليّ بُلُوغ مَا ترجوه، فَإِن كَانَت لَك حَاجَة فاذكرها، فَقص كَاتبه عَلَيْهِ قصَّته.
فَقَالَ غَسَّان: أَرْجُو أَن يَكْفِيهِ الله تَعَالَى وَلم يزدْ على هَذَا شَيْئا.
فَمضى عَليّ بن عِيسَى، آيسًا من نَفسه، كاسف البال، نَادِما على قَصده، وَقَالَ لكَاتبه لما انْصَرف: مَا أفدتني بِقصد غَسَّان إِلَّا تعجل المهانة والذل.
وتشاغل فِي طَرِيقه بلقاء بعض إخوانه، وَعَاد إِلَى دَاره، فَوجدَ على بَابه بغالًا عَلَيْهَا أَرْبَعُونَ ألف دِينَار، مَعَ رَسُول غَسَّان بن عباد، فأبلغه سَلَامه، وعرفه غمه بِمَا دفع إِلَيْهِ، وَسلم إِلَيْهِ المَال، وَتقدم إِلَيْهِ بِحُضُور دَار الْمَأْمُون من غَد ذَلِك الْيَوْم.
فبكر عَليّ بن عِيسَى، فَوجدَ غَسَّان بن عباد قد سبقه إِلَيْهَا، فَلَمَّا وصل النَّاس إِلَى الْمَأْمُون، مثل غَسَّان بن عباد بَين الصفين، وَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن لعَلي بن عِيسَى حُرْمَة وخدمة، وسالف أصل، ولأمير الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ سالف إِحْسَان، وَقد لحقه من الخسران فِي ضَمَانه مَا قد تعارفه النَّاس، وَقد جرى عَلَيْهِ من جدة الْمُطَالبَة، وشدتها، والوعيد بِضَرْب السِّيَاط إِلَى أَن يتْلف، مَا حيره، وقطعه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute