للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥٤ ابْن جَامع الْمُغنِي يَأْخُذ صَوتا بِثَلَاثَة دَرَاهِم فَيُفِيد مِنْهُ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار

حدث مُحَمَّد بن صلصال، عَن إِسْمَاعِيل بن جَامع، أَنه قَالَ: ضامني الدَّهْر ضيما شَدِيدا بِمَكَّة، فَأَقْبَلت مِنْهَا بعيالي إِلَى الْمَدِينَة، فَأَصْبَحت يَوْمًا، وَمَا معي إِلَّا ثَلَاثَة دَرَاهِم، لَا أملك غَيرهَا، وَإِذا بِجَارِيَة على رقبَتهَا جرة، تُرِيدُ الركي، وَهِي تتغنى بِهَذَا الصَّوْت:

شَكَوْنَا إِلَى أحبابنا طول ليلنا ... فَقَالُوا لنا مَا أقصر اللَّيْل عندنَا ... وَذَاكَ لِأَن النّوم يغشى عيونهم ... سَرِيعا وَلَا يغشى لنا النّوم أعينا

إِذا مَا دنا اللَّيْل المضر بِذِي الْهوى ... قلقنا وهم يستبشرون إِذا دنا

فَلَو أَنهم كَانُوا يلاقون مِثْلَمَا ... نلاقي لكانوا فِي الْمضَاجِع مثلنَا

قَالَ: فَأخذ الْغناء بقلبي، وَلم يدُرْ لي مِنْهُ حرف.

فَقلت: يَا جَارِيَة مَا أَدْرِي أوجهك أحسن، أم غناؤك؟ فَلَو شئتِ؛ لأعدتِ، فَقَالَت: حبا وكرامة، ثمَّ أسندت ظهرهَا إِلَى جِدَار قريب مِنْهَا، وَرفعت إِحْدَى رِجْلَيْهَا، فَوَضَعتهَا على الْأُخْرَى، وَوضعت الجرة على سَاقهَا، ثمَّ انبعثت، فغنته، فوَاللَّه مَا دَار لي مِنْهُ حرف.

فَقلت: قد أَحْسَنت، فَلَو تفضلت، وأعدته مرّة أُخْرَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>