وحَدثني أَبُو الْفرج عَليّ بن الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بالأصبهاني، إملاء من حفظه، قَالَ: حَدثنِي الْحُسَيْن بن يحيى المرداسي، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: لما دخل الرشيد الْبَصْرَة حاجًّا، كنت مَعَه، فَقَالَ لي جَعْفَر بن يحيى: يَا أَبَا مُحَمَّد، قد وصفت لي جَارِيَة مغنية حسناء محسنة، تبَاع، وَذكر أَن مَوْلَاهَا مُمْتَنع من عرضهَا إِلَّا فِي دَاره، وَقد عزمت على أَن أركب مستخفيًا، فأعترضها، أفتساعدني؟ فَقلت: السّمع وَالطَّاعَة.
فَلَمَّا كَانَ فِي نصف النَّهَار حضر النخاس، فَأعْلم بِحُضُورِهِ، فَخرج جَعْفَر بعمامة وطيلسان ونعل عَرَبِيَّة، وَأَمرَنِي فَلبِست مثل ذَلِك، وركبنا حِمَارَيْنِ قد أسرجا بسروج التُّجَّار، وَركب النخاس مَعنا، وطلبنا الطَّرِيق.
فَلم يزل النخاس يسير بَين أَيْدِينَا، حَتَّى أَتَيْنَا بَابا شاهقًا يدل على نعْمَة قديمَة، فقرع النخاس الْبَاب، وَإِذا بشاب حسن الْوَجْه، عَلَيْهِ أثر ضرّ باد، وقميص غليظ خشن، فَفتح لنا الْبَاب، وَقَالَ لنا: انزلوا يَا سادة، فَدَخَلْنَا.
فَأخْرج لنا الرجل قِطْعَة حَصِير خلق، ففرشها لنا، فَجَلَسْنَا عَلَيْهَا.