للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِيلَة ابْن عرس فِي قتل الأفعى

وَحكى سعد بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنِي رجل يعرف بِعَبْد الْعَزِيز بن الْحسن الْأَزْدِيّ من تجار القصباء بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: كنت يَوْمًا فِي القصباء، وَقد أخرج من النَّهر قصب رطب، فَعمل كالقباب، على الْعَادة فِيمَا يُرَاد تجفيفه من الْقصب، وَكَانَ يَوْمًا صائفًا.

وكدني الْحر، فَدخلت إِحْدَى تِلْكَ القباب الْقصب، وَهِي تكون بَارِدَة جدا، وَعَادَة التُّجَّار أَن يستكنوا بهَا، فَنمت فِي الْقبَّة، فلبردها استثقلت فِي النّوم.

فانتبهت بعد الْعَصْر، وَقد انْصَرف النَّاس من القصباء، وَهِي فِي مَوضِع بِالْبَصْرَةِ، فِي أَعْلَاهَا، مَعْرُوف، بِهِ صحراء وبساتين.

فاستوحشت للوحدة، وعملت على الْقيام، فَإِذا بأفعى فِي غلظ السَّاق أَو الساعد، طَوِيل، متدور على بَاب الْقبَّة كالطبق.

فَلم أجد سَبِيلا إِلَى الْخُرُوج، ويئست من نَفسِي، وتحيرت، وَجَزِعت جزعًا شَدِيدا، وَأخذت فِي التَّشَهُّد، وَالتَّسْبِيح، والفزع إِلَى الله تَعَالَى.

فَإِنِّي لكذلك، إِذْ جَاءَ ابْن عرس من بعيد، فَلَمَّا رأى الأفعى، وقف يتأمله ثمَّ رَجَعَ من حَيْثُ جَاءَ، وَغَابَ قَلِيلا، ثمَّ جَاءَ وَمَعَهُ ابْن عرس آخر، فوقفا جَمِيعًا، الْوَاحِد عَن يَمِين الْقبَّة، وَالْآخر عَن يسارها، وَصَارَ الْوَاحِد عِنْد رَأس الأفعى، وَالْآخر عِنْد ذنبها، والأفعى غافل عَنْهُمَا، ثمَّ وثبا فِي حَال وَاحِدَة، وَإِذا رَأسه وذنبه فِي فَم كل وَاحِد مِنْهُمَا.

فاضطرب، فَلم يفلت مِنْهُمَا، وجراه حَتَّى بعدا عَن عَيْني، فَخرجت من الْقبَّة سالما.

<<  <  ج: ص:  >  >>