للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الْعَتَاهِيَة يحبس لامتناعه عَن قَول الشّعْر

أَخْبرنِي أَبُو الْفرج عَليّ بن الْحُسَيْن الْأَصْبَهَانِيّ، قَالَ: حَدثنِي عمي الْحسن بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مهرويه، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد ابْن أبي الْعَتَاهِيَة، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: لما امْتنعت من قَول الشّعْر وَتركته، أَمر الْمهْدي بحبسي فِي سجن الجرائم، فأخرجت من بَين يَدَيْهِ إِلَى الْحَبْس.

فَلَمَّا أدخلته دهشت، وَذهل عَقْلِي، وَرَأَيْت منْظرًا هالني.

فرميت بطرفي أطلب موضعا آوي فِيهِ، أَو رجلا آنس بمجالسته، فَإِذا أَنا بكهل حسن السمت نظيف الثَّوْب، تبين عَلَيْهِ سيماء الْخَيْر، فقصدته، فَجَلَست إِلَيْهِ من غير أَن أسلم عَلَيْهِ، أَو أسأله عَن شَيْء من أمره، لما أَنا فِيهِ من الْجزع والحيرة.

فَمَكثت كَذَلِك مَلِيًّا، وَأَنا مطرق مفكر فِي حَالي، فَأَنْشد الرجل:

تعودت مس الضّر حَتَّى ألفته ... وأسلمني حسن العزاء إِلَى الصَّبْر

وصيرني يأسي من النَّاس واثقا ... بِحسن صَنِيع الله من حَيْثُ لَا أَدْرِي

قَالَ: فاستحسنت الْبَيْتَيْنِ، وتبركت بهما، وثاب إِلَيّ عَقْلِي، فَأَقْبَلت على الرجل، فَقلت لَهُ: تفضل، أعزّك الله، بِإِعَادَة هذَيْن الْبَيْتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>