ب - الفلهند يحرم الْملك أبرويز من شطر لذته
حَدثنِي الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الجنائني، قَالَ: قَرَأت فِي بعض كتب الْفرس أَن أبرويز الْملك كَانَ معجبا بغناء الفلهند مغنيه، فَنَشَأَ للفلهند غُلَام أحسن غناء مِنْهُ ـ فَأدْخلهُ إِلَى أبرويز يتحفه بِهِ، ويتقرب إِلَيْهِ بذلك، فاستطابه أبرويز وَغلب على قلبه حَتَّى قدمه على الفلهند، فحسده الفلهند، فَقتله.
وَبلغ أبرويز ذَلِك، فَغَضب عَلَيْهِ غَضبا شَدِيدا، واستدعى الفلهند، فَقَالَ لَهُ: يَا كلب، علمت أَن شطر لذتي فِي الْغناء كَانَ فِيك، وشطرها كَانَ فِي غلامك، فَقتلته لتذهب شطر لذتي، وَالله لأَقْتُلَنك، وَأمر بِهِ فجر ليقْتل.
فَقَالَ: أَيهَا الْملك، اسْمَع مني كلمة، ثمَّ اعْمَلْ مَا شِئْت.
قَالَ: قل.
قَالَ: إِذا كَانَت لذتك شطرين، وَقد أبطلت أَنا بِالْجَهْلِ أَحدهمَا، وَتبطل أَنْت على نَفسك الشّطْر الثَّانِي بِطَاعَة الْغَضَب، فَإِن جنايتك على نَفسك، أعظم من جنايتي عَلَيْك.
فَقَالَ أبرويز: مَا نطقت بِهَذَا الْكَلَام، فِي مثل هَذَا الْمقَام، إِلَّا لما فِي أَجلك من التَّأْخِير، وَلما يُرِيد الله تَعَالَى إسعادي بِهِ من الالتذاذ بغنائك، وَقد عَفَوْت عَنْك.
وَأطْلقهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute