الْعُمر أقصر مُدَّة من أَن يضيع فِي الْحساب
حَدثنِي الْحسن بن صافي مولى ابْن المتَوَكل القَاضِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن أَحْمد اللَّيْثِيّ الْكَاتِب الْمَعْرُوف بِابْن كردويه، قَالَ: كَانَ لي صديق من أهل راذان، عَظِيم النِّعْمَة والضيعة، فَحَدثني، قَالَ: تزوجت فِي شَبَابِي امْرَأَة من آل وهب، ضخمة النِّعْمَة، حَسَنَة الْخلقَة وَالْأَدب، كَثِيرَة الْمُرُوءَة، ذَات جوَار مغنيات، فعشقتها عشقًا مبرحًا، وَتمكن لَهَا من قلبِي أَمر عَظِيم، وَمكث عيشي بهَا طيبا مُدَّة طَوِيلَة.
ثمَّ جرى بيني وَبَينهَا بعض مَا يجْرِي بَين النَّاس، فَغضِبت عَليّ، وهجرتني، وأغلقت بَاب حُجْرَتهَا من الدَّار دوني، ومنعتني الدُّخُول إِلَيْهَا، وراسلتني بِأَن أطلقها.
فترضيتها بِكُل مَا يمكنني، فَلم ترض، ووسطت بَيْننَا أَهلهَا من النِّسَاء، فَلم ينجع.
فلحقني الكرب وَالْغَم، والقلق والجزع، حَتَّى كَاد يذهب بعقلي، وَهِي مُقِيمَة على حَالهَا.
فَجئْت إِلَى بَاب حُجْرَتهَا، وَجَلَست عِنْده مفترشًا التُّرَاب، وَوضعت خدي على العتبة، أبْكِي وأنتحب، وأتلافاها، وأسألها الرِّضَا، وَأَقُول كلما يجوز أَن يُقَال فِي مثل هَذَا، وَهِي لَا تكلمني، وَلَا تفتح الْبَاب، وَلَا تراسلني.
ثمَّ جَاءَ اللَّيْل، فتوسدت العتبة إِلَى أَن أَصبَحت، وأقمت على ذَلِك ثَلَاثَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute