للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقطيعِي الطَّبِيب وذكاؤه وَمَكَارِم أخلاقه

وحَدثني أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الصلحي الْكَاتِب، قَالَ: رَأَيْت بِمصْر طَبِيبا مَشْهُورا يعرف بالقطيعي، وَكَانَ يُقَال: إِنَّه يكْسب فِي كل يَوْم ألف دِرْهَم، من جرايات يجريها عَلَيْهِ قوم من رُؤَسَاء الْعَسْكَر، وَمن السُّلْطَان، وَمَا يَأْخُذهُ من الْعَامَّة.

قَالَ: وَكَانَ لَهُ دَار قد جعلهَا شبه البيمارستان، من جملَة دَاره، يأوي إِلَيْهَا ضعفاء الأعلة، يعالجهم، وَيقوم بأودهم وأدويتهم، وأغذيتهم، وَخدمَتهمْ، وَينْفق أَكثر كَسبه فِي ذَلِك.

قَالَ أَبُو الْحسن: فأسكت بعض فتيَان الرؤساء بِمصْر، وأسماه لي فَذهب عني اسْمه، وَكنت هُنَاكَ، فَحمل إِلَيْهِ أهل الطِّبّ، وَفِيهِمْ الْقطيعِي، فَأَجْمعُوا على مَوته، إِلَّا الْقطيعِي، وَعمل أَهله على غسله وَدَفنه.

فَقَالَ الْقطيعِي: دَعونِي أعَالجهُ، فَإِن برِئ، وَإِلَّا فَلَيْسَ يلْحقهُ أَكثر من الْمَوْت الَّذِي أجمع هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ.

فَخَلَّاهُ أَهله مَعَه، فَقَالَ؛ هاتم غُلَاما جلدا ومقارع، فَأتي بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>