أَخذ الصينية من لَا يردهَا وَرَآهُ من لَا ينم عَلَيْهِ
وروت الْفرس قَرِيبا من هَذَا، فَذكرُوا أَن بعض مُلُوكهمْ، سخط على حَاجِب لَهُ سخطا شَدِيدا، وألزمه بَيته، وَكَانَ فِيهِ كالمحبوس، وَقطع عَنهُ أرزاقه وجراياته، فَأَقَامَ على ذَلِك سِنِين، حَتَّى تهتك، وَلم تبْق لَهُ حَال.
ثمَّ بلغه أَن الْملك قد اتخذ سماطا عَظِيما، يحضرهُ النَّاس فِي غَد يَوْمه ذَلِك، فراسل أصدقاءه، وأعلمهم أَن لَهُ حَقًا يحضرهُ لبَعض وَلَده، واستعار مِنْهُم دَابَّة بسرجه ولجامه، وَغُلَامًا يسْعَى بَين يَدَيْهِ، وخلعه يلبسهَا، وسيفا، ومنطقة، فأعير ذَلِك، فلبسه، وَركب الدَّابَّة، وَخرج من منزله إِلَى أَن جَاءَ إِلَى دَار الْملك.
فَلَمَّا رَآهُ البوابون لم يشكوا فِي أَنه مَا أقدم على ذَلِك إِلَّا بِأَمْر الْملك، وتذمموا لقديم رئاسته عَلَيْهِم، فأشفقوا من عودهَا أَن يحجبوه إِلَى أَن يستثبتوا.
وَدخل هُوَ مظْهرا الْقُوَّة بِأَمْر نَفسه، وَلم تزل تِلْكَ حَاله مَعَ طَائِفَة، حَتَّى وصل إِلَى الْملك، وَقد أكل، وَهُوَ جَالس يشرف.
فَلَمَّا رَآهُ الْملك قطب، وَأنكر حُضُوره، وهم بِأَن يَأْمر بِهِ، وبالحجاب، والبوابين، فكره أَن ينغص يَوْمًا قد أفرده بالسرور على نَفسه.
وَأَقْبل الرجل يخْدم، فِيمَا كَانَ يخْدم فِيهِ قَدِيما، فازدادت الْحَال تمويها على الْحجاب والحاشية، إِلَى أَن كَاد الْمجْلس ينصرم، وغفل أَكثر من كَانَ حَاضرا عَنهُ.
فَتقدم إِلَى صينية ذهب زنتها ألف مِثْقَال، مَمْلُوءَة مسكا، فَأَخذهَا بخفة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute