للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصَّة ابْن التمساح

وَحكى أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن الْحسن بن المظفر الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالحاتمي، قَالَ: رَأَيْت بِمصْر رجلا يعرف بِابْن التمساح، فَسَأَلت جمَاعَة من أهل مصر، من الْعَامَّة، عَن ذَلِك.

فَقَالُوا: هَذَا وطئ التمساح أمه، فولدته.

فَكَذبت ذَلِك، وبحثت عَن الْخَبَر، فَأَخْبرنِي جمَاعَة من عقلاء مصر، أَن التمساح بهَا يَأْخُذ النَّاس من المَاء فيفترسهم.

وَرُبمَا أَخذهم وَهُوَ شبعان، فَيحمل الْمَأْخُوذ بِيَدِهِ على صَدره، حَتَّى يَجِيء بِهِ إِلَى أجراف أَسْفَل مصر بمسافة، وَهِي جبال حِجَارَة فِيهَا مغارات إِلَى النّيل، لَا يصل إِلَيْهَا الْمَاشِي وَلَا سالك المَاء لبعدها عَن الْجِهَتَيْنِ.

فيتسلق التمساح إِلَى بعض المغارات، فيودع بهَا الْإِنْسَان الَّذِي أَخذه، حَيا أَو مَيتا بِحَسب الِاتِّفَاق ويمضي.

فَإِذا جَاع وَلم يظفر بِشَيْء، عَاد إِلَى الْموضع فيفترس الْإِنْسَان الَّذِي خبأه هُنَاكَ.

قَالَ: فَكَانَ قد قبض على امْرَأَة فِي بعض الْأَوْقَات، فَجَعلهَا فِي المغارة، فَذكرت الْمَرْأَة: أَنَّهَا حينما اسْتَقَرَّتْ فِي المغارة، وَانْصَرف التمساح، رَأَتْ هُنَاكَ رجلا حَيا، وآثار جمَاعَة قد افترسهم التمساح.

وَأَنَّهَا سَأَلت الرجل عَن أمره، فَذكر أَن التمساح تَركه هُنَاكَ مُنْذُ يَوْمَيْنِ.

قَالَت: وَأخذ الرجل يؤانسني بِالْحَدِيثِ، إِلَى أَن طالبني بنفسي.

فَقلت: يَا هَذَا اتَّقِ الله.

فَقَالَ: التمساح قد مضى، وَمن سَاعَة إِلَى سَاعَة فرج، وَلَعَلَّ أَن تجتاز بِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>