للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخائن لَا يؤتمن

قَالَ مؤلف هَذَا الْكتاب: وَقد جرى فِي عصرنا مثل هَذَا، فَحَدثني مُبشر الرُّومِي، قَالَ: لما خرج معز الدولة فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة، وَانْهَزَمَ نَاصِر الدولة من بَين يَدَيْهِ، أنفذني مولَايَ، لأَكُون بِحَضْرَتِهِ، وحضرة أبي جَعْفَر الصَّيْمَرِيّ كَاتبه، وأوصل كتبه إِلَيْهِمَا.

فَسمِعت حَاشِيَة الصَّيْمَرِيّ، يتحدثون: أَنه جَاءَ إِلَيْهِ ركابي من ركابيته، وَقَالَ لَهُ: أَيهَا الْأَمِير، إِن قتلت لَك نَاصِر الدولة، أَي شَيْء تُعْطِينِي؟ قَالَ لَهُ: ألف دِينَار.

قَالَ: فَأذن لي أَن أمضي وأحتال فِي اغتياله، فَأذن لَهُ.

فَمضى إِلَى أَن دخل عسكره، وَعرف مَوضِع مبيته من خيمته، فرصد الْغَفْلَة حَتَّى دَخلهَا لَيْلًا، وناصر الدولة نَائِم، وبالقرب من مرقده شمعة مشتعلة، وَفِي الْخَيْمَة غُلَام نَائِم.

فَعرف مَوضِع رَأسه من المرقد، ثمَّ أطفأ الشمعة، واستل سكينًا طَويلا مَاضِيا كَانَ فِي وَسطه، وَأَقْبل يمشي فِي الْخَيْمَة، ويتوقى أَن يعثر بالغلام، وَهُوَ يُرِيد مَوضِع نَاصِر الدولة.

فَإلَى أَن وصل إِلَيْهِ انْقَلب نَاصِر الدولة من الْجَانِب الَّذِي كَانَ نَائِما عَلَيْهِ، إِلَى الْجَانِب الآخر، وزحف فِي الْفراش، فَصَارَ رَأسه على الْجَانِب الآخر من

<<  <  ج: ص:  >  >>