للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جندي تركي تشتد إضاقته ثمَّ يَأْتِيهِ الْفرج

وَذكر القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي كِتَابه، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم، قَالَ: كَانَ فِي جيراني، بالجانب الشَّرْقِي من مَدِينَة السَّلَام، رجل من الأتراك، لَهُ رزق فِي الْجند، فَتَأَخر رزقه فِي أَيَّام المكتفي، ووزارة الْعَبَّاس بن الْحسن، فَسَاءَتْ حَاله، ورثت هَيئته، حَتَّى أدمن الْجُلُوس عِنْد خباز كَانَ بِالْقربِ منا، وَكَانَ يستسعفه، فيعطيه فِي كل يَوْم خَمْسَة أَرْطَال خبْزًا، يتقوت بهَا هُوَ وَعِيَاله.

فَاجْتمع عَلَيْهِ للخباز شَيْء، ضَاقَ بِهِ صدر الخباز مَعَه أَن يُعْطِيهِ سواهُ، فَمَنعه، فَخرج ذَات يَوْم، فَجَلَسَ، وَهُوَ عَظِيم الْهم، ثمَّ كشف لي حَدِيثه.

وَقَالَ: قد عملت على مَسْأَلَة كل من يَشْتَرِي من الخباز شَيْئا، أَن يتَصَدَّق عَليّ، فقد حَملَنِي الْجُوع على هَذَا، وَكلما أردْت فعله؛ منعتني نَفسِي مِنْهُ.

فَبَيْنَمَا هُوَ معي فِي هَذَا؛ إِذْ جَاءَ رجل بزِي نقيب، يسْأَل عَنهُ، فَدلَّ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ جَالِسا عِنْد الخباز.

فَقَالَ لَهُ: قُم.

فَقَالَ: إِلَى أَيْن؟ قَالَ: إِلَى الدِّيوَان، حَتَّى تقبض رزقك، فقد خرج لَك ولأصحابك رزق شَهْرَيْن، فَمضى مَعَه.

فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة؛ جَاءَنِي، وَقد قبض مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين دِينَارا.

فرم منزله، وَأصْلح حَاله وَحَال عِيَاله، وابتاع دَابَّة وسرجا وسلاحا، وَقضى دينه، وَخرج مَعَ قَائِد كَانَ برسمه، وَحسنت حَالَته.

<<  <  ج: ص:  >  >>