للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد يمْضِي مَا تعهد بِهِ وزيره جَعْفَر الْبَرْمَكِي فِي مجْلِس أنس

أَخْبرنِي أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن عَليّ المنجم، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي، قَالَ: لم أر قطّ مثل جَعْفَر بن يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي، كَانَت لَهُ فتوة، وظرف، وأدب، وَحسن غناء، وَضرب بالطبل، وَكَانَ يَأْخُذ بأجزل حَظّ، من كل فن.

فَحَضَرت بَاب الرشيد يَوْمًا، وَكَانَ الرشيد نَائِما، فوافي جَعْفَر، فَقلت لَهُ إِنَّه نَائِم، فَرجع، وَقَالَ سر بِنَا إِلَى الْمنزل، حَتَّى نخلو جَمِيعًا بَقِيَّة يَوْمنَا، فأغنيك، وتغنيني، ونأخذ فِي شَأْننَا، من وقتنا.

فَقلت: نعم.

فسرنا إِلَى مَجْلِسه، فطرحنا ثيابنا، ودعا بِالطَّعَامِ، فأكلنا، وَأمر بِإِخْرَاج الْجَوَارِي، وَقَالَ: ليبرزن، فَلَيْسَ عندنَا من نحتشمه.

فَلَمَّا رفع الطَّعَام، وَجِيء بِالشرابِ، دَعَا بقميص حَرِير فلبسه، ودعا لي بِمثلِهِ، ودعا بخلوق، فتخلق، وخلقني، وَجعل يغنيني، وأغنيه.

وَكَانَ قد دَعَا بالحاجب، فَتقدم إِلَيْهِ أَن لَا يَأْذَن لأحد من النَّاس كلهم، وَإِن جَاءَ رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَأعلمهُ أَنِّي مَشْغُول، واحتاط فِي ذَلِك، وَتقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>