وَمَا قتل الْأَحْرَار كالعفو عَنْهُم
حَدثنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عمر بن شُجَاع، الْمُتَكَلّم الْبَغْدَادِيّ، الملقب بجنيد، قَالَ: حَدثنَا الْفضل بن ماهان السيرافي، وَكَانَ مَشْهُورا بسلوك أقاصي بِلَاد الْبَحْر، قَالَ؛ قَالَ لي رجل من بعض بياسرة الْهِنْد، والبيسر هُوَ الْمَوْلُود على مِلَّة الْإِسْلَام هُنَاكَ، قَالَ: كَانَ فِي أحد بِلَاد الْهِنْد ملك حسن السِّيرَة، وَكَانَ لَا يَأْخُذ وَلَا يُعْطي مُوَاجهَة، وَإِنَّمَا كَانَ يقلب يَده إِلَى وَرَاء ظَهره.
فَيَأْخُذ وَيُعْطِي بهَا، إعظامًا للْملك، وَهِي سنة لَهُم هُنَاكَ ولأولادهم.
وَإنَّهُ توفّي، فَوَثَبَ رجل من غير أهل المملكة، فاحتوى على ملكه، وهرب ابْن لَهُ كَانَ يصلح للْملك خوفًا على نَفسه من المتغلب.
ورسوم مُلُوك الْهِنْد، أَن الْملك إِذا قَامَ عَن مَجْلِسه، لأي حَاجَة عرضت لَهُ، كَانَت عَلَيْهِ صدرة، قد جمع فِيهَا كل نَفِيس وفاخر من اليواقيت والجواهر، مَضْرُوب فِي الإبريسم فِي الصدرة، وَيكون فِيهَا من الْجَوَاهِر مَا إِن لَو أَرَادَ أَن يُقيم بهَا ملكا أَقَامَهُ.
قَالَ: وَيَقُولُونَ: لَيْسَ بِملك من إِذا قَامَ عَن مَجْلِسه وَلَيْسَت مَعَه، حَتَّى إِذا حدثت عَلَيْهِ حَادِثَة وهرب بهَا أمكنه إِقَامَة ملك مِنْهَا.
فَلَمَّا حدثت على الْملك تِلْكَ الْحَادِثَة، أَخذ ابْنه صدرته وهرب بهَا.
فَحكى عَن نَفسه: أَنه مَشى ثَلَاثَة أَيَّام، قَالَ: وَلم أطْعم طَعَاما، وَلم تكن معي فضَّة وَلَا ذهب، فأبتاع بِهِ مَأْكُولا، وَلم أقدر على إِظْهَار مَا معي، وأنفت أَن أستطعم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute