للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْذر بن الْمُغيرَة الدِّمَشْقِي أحد صنائع البرامكة

قَالَ مسرور الْكَبِير: استدعاني الْمَأْمُون، فَقَالَ لي: قد أَكثر عَليّ أَصْحَاب أَخْبَار السِّرّ، أَن شَيخا يَأْتِي خرائب البرامكة، فيبكي وينتحب طَويلا، ثمَّ ينشد شعرًا يرثيهم بِهِ، وينصرف، فاركب أَنْت ودينار بن عبد الله، واستترا بالجدران، فَإِذا جَاءَ الشَّيْخ فأمهلاه، حَتَّى تشاهدا مَا يفعل، وتسمعا مَا يَقُول، فَإِذا أَرَادَ الِانْصِرَاف؛ فاقبضا عَلَيْهِ، وأتياني بِهِ.

قَالَ مسرور: فركبت أَنا ودينار مغلسين، فأتينا الْموضع، فاختفينا فِيهِ، وأبعدنا الدَّوَابّ.

فَلَمَّا كَانَ آخر اللَّيْل، إِذا بخادم أسود قد أقبل، وَمَعَهُ كرْسِي حَدِيد، فطرحه، وَجَاء على أَثَره كهل، فَجَلَسَ على الْكُرْسِيّ، وَتَلفت يَمِينا وَشمَالًا، فَلم ير أحدا، فَبكى وانتحب، حَتَّى قلت: قد فَارق الدُّنْيَا، وَأَنْشَأَ يَقُول:

أما وَالله لَوْلَا خوف واشٍ ... وَعين للخليفة لَا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا ... كَمَا للنَّاس بِالْحجرِ استلام

ثمَّ بَكَى طَويلا، وَأَنْشَأَ يَقُول:

<<  <  ج: ص:  >  >>