حَدثنِي عَليّ بن هِشَام، قَالَ: سَمِعت أَبَا الْحسن عَليّ بن عِيسَى، يتحدث، قَالَ: سَمِعت عبيد الله بن سُلَيْمَان بن وهب، يَقُول: حَدثنِي أبي، قَالَ: كنت وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْخَطِيب، مَعَ خلق من الْعمَّال وَالْكتاب معتقلين فِي يَدي مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات، فِي آخر وزارته للواثق، نطالب ببقايا مصادراتنا، وَنحن آيس مَا كُنَّا من الْفرج، إِذْ اشتدت عِلّة الواثق، وحجب سِتَّة أَيَّام عَن النَّاس، فَدخل عَلَيْهِ أَبُو عبد الله أَحْمد بن أبي دؤاد القَاضِي، فَقَالَ لَهُ الواثق: يَا أَبَا عبد الله، وَكَانَ يكنيه، ذهبت مني الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
قَالَ: كلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
قَالَ: بلَى، أما الدُّنْيَا، فقد ذهبت مني بِمَا ترى من حُضُور الْمَوْت، وَذَهَبت مني الْآخِرَة، بِمَا أسلفت من عمل الْقَبِيح، فَهَل عنْدك من دَوَاء؟ قَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قد غَرَّك مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات فِي الْكتاب والعمال، وملأ بهم الحبوس، وَلم يحصل من جهتهم على كَبِير شَيْء، وهم عدد كثير، ووراءهم ألف يَد ترفع إِلَى الله تَعَالَى بِالدُّعَاءِ عَلَيْك، فتأمر بإطلاقهم، لترتفع تِلْكَ الْأَيْدِي بِالدُّعَاءِ لَك، فَلَعَلَّ الله أَن يهب لَك الْعَافِيَة، وعَلى كل حَال، فَأَنت مُحْتَاج إِلَى أَن تقل خصومك.