للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَادف دَرْء السَّيْل درءًا يصدعه

حَدثنِي عبيد الله بن مُحَمَّد الصروي، قَالَ: حَدثنِي بعض إخْوَانِي: أَنه كَانَ بِبَغْدَاد رجل يطْلب التلصص فِي حداثته، ثمَّ تَابَ وَصَارَ بزازًا.

قَالَ: فَانْصَرف لَيْلَة من دكانه، وَقد أغلقه، فجَاء لص متزي بزِي صَاحب الدّكان، فِي كمه شمعة صَغِيرَة، ومفتاح، فصاح بالحارس، وَأَعْطَاهُ الشمعة فِي الظلمَة، وَقَالَ: أشعلها وجئني بهَا، فَإِن لي فِي هَذِه اللَّيْلَة فِي دكاني شغلًا.

فَحَضَرَ الحارس وأشعل الشمعة، وَركب اللص المفاتيح على الأقفال فَفَتحهَا، وَدخل الدّكان.

فجَاء الحارس بالشمعة مشعلة، فَأَخذهَا مِنْهُ وَهُوَ لَا يتَبَيَّن وَجهه، وَجعلهَا بَين يَدَيْهِ، وَفتح سفط الْحساب، وَأخرج مَا فِيهِ، وَجعل ينظر فِي الدفاتر، ويوري بِيَدِهِ أَنه يحْسب، والحارس يطالعه فِي تردده، وَلَا يشك فِي أَنه صَاحب الدّكان.

إِلَى أَن قَارب السحر، فاستدعى اللص الحارس، وَكَلمه من بعيد، وَقَالَ لَهُ: أطلب لي حمالًا.

فجَاء بحمال، فَحمل عَلَيْهِ من مَتَاع الدّكان أَربع رزم مثمنة، وأقفل الدّكان، وَانْصَرف وَمَعَهُ الْحمال، وَأعْطى الحارس دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا أصبح النَّاس، جَاءَ صَاحب الدّكان ليفتحه، فَقَامَ إِلَيْهِ الحارس يَدْعُو لَهُ، وَيَقُول: فعل الله بك وصنع كَمَا أَعْطَيْتنِي البارحة الدرهمين.

فَأنْكر الرجل مَا سَمعه، وَلم يرد جَوَابا، وَفتح دكانه، فَوجدَ سيلان الشمعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>