للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة
وَذكر أَبُو الْحُسَيْن القَاضِي، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن بعض إخوانه، أَحْسبهُ أَبَا يُوسُف يَعْقُوب بن بَيَان، أَنه قَالَ: أملق بعض الْكتاب فِي أَيَّام الرشيد حَتَّى أفْضى إِلَى بيع أنقاض دَاره، وَنقض مَا فِيهَا، فَلم يبْق فِيهَا إِلَّا بَيْتا وَاحِدًا، كَانَ يأوي إِلَيْهِ وَولده، وَانْقطع عَن النَّاس، وانقطعوا عَنهُ دهرا.
وَكَانَ الرشيد يولي على أذربيجان فِي كل سنتَيْن، أَو ثَلَاثَة، رجلا من بني هَاشم.
فولاها سنة من السنين رجلا مِنْهُم كَانَ متعطلا، فَطلب كَاتبا فارها يصطنعه، وشاور فِيهِ صديقا لَهُ من الْكتاب، فوصف لَهُ هَذَا الرجل المتعطل، ووعده بإحضاره، وَصَارَ إِلَيْهِ، وطرق الْبَاب عَلَيْهِ، وَدخل، فَوَجَدَهُ من الْفقر على الْحَال لَا يتهيأ لَهُ مَعهَا لِقَاء أحد.
فَبعث إِلَيْهِ من منزله بخلعة من ثِيَابه، ودابة، وَغُلَامًا، وبخورا، ودراهم، فَركب مَعَه إِلَى الْهَاشِمِي، فَلَقِيَهُ.
وامتحنه الْهَاشِمِي، فَوَجَدَهُ بارعا فِي صناعته، فاستكتبه، وَقرر جاريه، وَأمر لَهُ بِمَال معجل مَعُونَة لَهُ على سَفَره، وَأمره بِأَن يتقدمه إِلَى أذربيجان.
فَعَاد الرجل إِلَى منزله، وَأصْلح من حَاله، وَخلف نَفَقَة لِعِيَالِهِ، وشخص.
فَلَمَّا بلغ المصروف الْخَبَر؛ رَحل عَن الْبَلَد، وَأخذ غير الطَّرِيق الَّذِي بلغه أَن الْكَاتِب قد سلكها، وَخلف كَاتبه لرفع الْحساب.
فَلَمَّا شَارف كَاتب الْوَالِي النَّاحِيَة؛ خرج إِلَيْهِ كَاتب الْمَعْزُول ولقيه، فَسَأَلَهُ عَن صَاحبه، فَأعلمهُ شخوصه إِلَى مَدِينَة السَّلَام، فَأنْكر ذَلِك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute