للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان

بَلغنِي أَنه كَانَ بِالْكُوفَةِ رجل من أهل الْأَدَب والظرف، يعاشر النَّاس، وتأتيه ألطافهم، فيعيش بهَا.

ثمَّ انْقَلب الدَّهْر عَلَيْهِ، فَأمْسك النَّاس عَنهُ، وجفوه حَتَّى قعد فِي بَيته، والتجأ إِلَى عِيَاله، فشاركهن فِي فضل مغازلهن، وَاسْتمرّ ذَلِك عَلَيْهِ، حَتَّى نَسيَه النَّاس، وَلَزِمَه الْفقر.

قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنا ذَات لَيْلَة فِي منزلي، على أسوإ حَال، إِذا وَقع حافر دَابَّة، وَرجل يدق بَابي، فكلمته من وَرَاء الْبَاب.

فَقلت: مَا حَاجَتك؟ فَقَالَ: إِن أَخا لَك لَا أُسَمِّيهِ، يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام، وَيَقُول لَك: إِنِّي رجل مستتر، وَلست آنس بِكُل أحد، فَإِن رَأَيْت أَن تصير إِلَيّ، لنتحدث ليلتنا.

فَقلت فِي نَفسِي: لَعَلَّ جدي أَن يكون قد تحرّك؟ ثمَّ لم أجد لي مَا ألبسهُ، فاشتملت بإزار امْرَأَتي، وَخرجت، فَقدم إِلَيّ فرسا مجنوبا كَانَ مَعَه، فركبته إِلَى أَن أدخلني إِلَى فَتى من أجل النَّاس وأجملهم وَجها، فَقَامَ إِلَيّ، وعانقني، ودعا بِطَعَام فأكبنا، وبشراب فشربنا، وأخذنا فِي الحَدِيث، فَمَا خضت فِي شَيْء إِلَّا سبقني إِلَيْهِ.

حَتَّى إِذا صَار وَقت السحر؛ قَالَ: إِن رَأَيْت أَن لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء من أَمْرِي، وَتجْعَل هَذِه الزِّيَارَة بيني وَبَيْنك، إِذا أرْسلت إِلَيْك فعلت، وَهَهُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>