حَدثنِي أَبُو الْفرج عبد الْوَاحِد بن نصر الْكَاتِب الْمَعْرُوف بالببغاء، قَالَ: اعتللت بحلب عِلّة، جف مِنْهَا بدني كُله، فَكنت كالخشبة، لَا أقدر على أَن أتحرك أَو أحرك، وَنحل جسمي، وتقلبت بِي أعلال مُتَّصِلَة متضادة صعبة، فَمَكثت حَلِيف الْفراش ثَلَاث سِنِين، وآيسني الْأَطِبَّاء من الْبُرْء، وَقَطعُوا مداواتي.
وَكَانَ لي صديق شيخ يعرف بِأبي الْفرج بن دارم، من أهل بلدي، يَعْنِي: نَصِيبين، مُقيم بحلب، مواظب على عيادتي، وملازم لي، وَكَانَ لفرط اغتمامه بِي، وَأَن الْأَطِبَّاء قد آيسوه مني، يظْهر لي من الْجزع عَليّ أمرا يؤلم قلبِي، ويؤيسني من نَفسِي، ثمَّ تجَاوز ذَلِك إِلَى التَّصْرِيح باليأس، وتوطيني عَلَيْهِ، ثمَّ تعدى هَذَا إِلَى أَن صَار لَا يملك دمعته إِذا خاطبني.