اشْترى الرشيد لطبيبه ضيَاعًا غَلَّتهَا ألف ألف دِرْهَم
وَحدث جِبْرِيل بن بختيشوع، قَالَ: كنت مَعَ الرشيد، بالرقة، وَمَعَهُ الْمَأْمُون وَمُحَمّد، وَكَانَ الرشيد رجلا كثير الْأكل وَالشرب، فَأكل فِي بعض الْأَيَّام أَشْيَاء خلط فِيهَا، وَدخل المستراح، فَغشيَ عَلَيْهِ فِيهِ.
فَأخْرج وَقد قوي عَلَيْهِ الغشي، حَتَّى لم يشك غلمانه فِي مَوته، وَحضر ابناه، وشاع عِنْد الْخَاصَّة والعامة خَبره.
وَأرْسل إِلَيّ، فَجئْت، فجسست عرقه، فَوجدت نبضًا خَفِيفا، وَأخذت عرقًا فِي رجله فَكَانَ كَذَلِك، وَقد كَانَ قبل ذَلِك بأيام يشكو امتلاءً وحركة الدَّم.
فَقلت لَهُم: إِنَّه لم يمت، وَالصَّوَاب أَن يحجم السَّاعَة.
فَقَالَ كوثر الْخَادِم، لما يعرف من أَمر الْخلَافَة وإفضائها إِلَى صَاحبه مُحَمَّد: يَا ابْن الفاعلة، تَقول أحجموا رجلا مَيتا؟ لَا يقبل قَوْلك وَلَا كَرَامَة.
فَقَالَ الْمَأْمُون: الْأَمر قد وَقع، وَلَيْسَ يضر أَن نحجمه.
وأحضر الْحجام، فتقدمت، وَقلت لَهُ: ضع محاجمك، فَفعل، فَلَمَّا مصها رَأَيْت الْموضع قد احمر، فطابت نَفسِي بذلك، وَعلمت أَنه حَيّ.
فَقلت للحجام: اشرط، فَشرط، فَخرج الدَّم، فسجدت شكرا لله تَعَالَى، وَجعل كلما خرج الدَّم، تحرّك رَأسه، وأسفر لَونه، إِلَى أَن تكلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute