ابْن أبي حَامِد صَاحب بَيت المَال يحسن إِلَى صيرفي
قَالَ مؤلف هَذَا الْكتاب: وجدت هَذَا الْخَبَر مستفيضًا بِبَغْدَاد، وأخبرت بِهِ على جِهَات مُخْتَلفَة، وَهَذَا أبينها، وأصحها إِسْنَادًا، إِلَّا أنني أذكر بعض الطّرق الْأُخْرَى الَّتِي بلغتني: حَدثنِي أَحْمد بن عبد الله، قَالَ: حَدثنِي شيخ من دَار الْقطن بِبَغْدَاد، قَالَ: كَانَ لأبي بكر بن أبي حَامِد مكرمَة طريفة، وَهِي أَن رجلا يعرف بِعَبْد الْوَاحِد بن فلَان الصَّيْرَفِي، بَاعَ جَارِيَته، وَكَانَ يهواها، على أبي بكر بن أبي حَامِد، يَعْنِي صَاحب بَيت المَال، بِثَلَاث مائَة دِينَار.
فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْل، استوحش لَهَا وَحْشَة شَدِيدَة، ولحقه من الهيمان، والقلق، وَالْجُنُون، والأسف على فراقها، مَا مَنعه من النّوم، ولحقه من الْبكاء والسهر، مَا كَادَت تخرج نَفسه مَعَه.
فَلَمَّا أصبح خرج إِلَى دكانه يتشاغل بِالنّظرِ فِي أمره، فَلم يكن لَهُ إِلَى ذَلِك سَبِيل.
وَزَاد عَلَيْهِ القلق والشوق، فَأخذ ثمن الْجَارِيَة، وَجَاء إِلَى أبي بكر بن أبي حَامِد، فَدخل عَلَيْهِ، ومجلسه حافل، فَسلم، وَجلسَ فِي أخريات النَّاس، إِلَى أَن تقوضوا.