للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَزير ابْن مقلة ينكب رجلا ثمَّ يحسن إِلَيْهِ

حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد يحيى بن سُلَيْمَان بن فَهد، رَحمَه الله، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَليّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الخباز، قَالَ: كَانَ أَبُو عَليّ بن مقلة نكبني، وصادرني لشَيْء كَانَ فِي نَفسه عَليّ، فأفقرني، حَتَّى لم يدع لي شَيْئا على وَجه الأَرْض.

وأطلقني من الْحَبْس، فلزمت بَيْتِي حَزينًا، فَقِيرا يتَعَذَّر عَليّ الْقُوت.

ثمَّ لم أجد بدا من الِاضْطِرَاب فِي معاشي، فأشير عَليّ أَن ألزم ابْن مقلة وأستعطفه، وَقيل لي: إِنَّه إِذا نكب إنْسَانا فخدمه؛ رق عَلَيْهِ.

قَالَ: فَلَزِمته مديدة، لَا أرَاهُ يرفع إِلَيّ رَأْسا، وَلَا يذكرنِي.

قَالَ: وَكَانَ يعرفنِي بِحسن الثِّيَاب ونظافتها، والتفقد فِي أَمر نَفسِي، أَيَّام يساري.

وَاتفقَ أَنِّي حضرت دَاره فِي يَوْم جُمُعَة غدْوَة، وَلم أكن دخلت الْحمام قبل ذَلِك بأسبوع، وَلَا حلقت شعري، وَلَا غيرت ثِيَابِي، وَأَنا وسخ الْجَسَد وَالثيَاب، طَوِيل الشّعْر، وَإِنَّمَا أخرت ذَلِك؛ لإضاقتي عَن مِقْدَار مَا أحتاج إِلَيْهِ، ولشغل قلبِي أَيْضا وغمي بالفقر المدقع الَّذِي دفعت إِلَيْهِ، وهوان نَفسِي عَليّ.

فَخرج ابْن مقلة ليركب، فَقُمْت إِلَيْهِ فِي جملَة النَّاس، فدعوت لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>