فدهشت، وَلم أحب أَن يظهروا على مَا فِي حجري، فنفضت جَمِيعه فِي ذَلِك الزهر فِي الْبُسْتَان، وَلم ينتبهوا لَهُ.
فَأخذت فَحملت، وَجرى عَليّ مَا جرى من المصادرة، وَبقيت فِي الْحَبْس الْمدَّة الطَّوِيلَة، وتقلبت الْفُصُول على الْبُسْتَان، فجف مَا فِيهِ، وَلم يفكر أحد فِي قلعه، أَو زراعته، وإثارته، وأغلقت الدَّار، فَمَا قربهَا أحد من أَصْحَابِي وَلَا أعدائي، بعد الَّذِي أَخذ مِنْهَا، وفرغت، وَوَقع الْيَأْس من وجود شَيْء فِيهَا.
ثمَّ سهل الله إطلاقي، فأطلقت، فحين جِئْت إِلَى دَاري، وَرَأَيْت الْموضع الَّذِي كنت جَالِسا فِيهِ ذَلِك الْيَوْم؛ ذكرت حَدِيث الْجَوْهَر الَّذِي كَانَ فِي حجري، ونفضي إِيَّاه فِي الْبُسْتَان.
فَقلت: ترى، بَقِي مِنْهُ شَيْء؟ ثمَّ قلت: هَيْهَات، هَيْهَات، وَأَمْسَكت.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْغَد، أخليت الدَّار، وَقمت بنفسي وَمَعِي غُلَام يثير الْبُسْتَان بَين يَدي، وَأَنا أفتش شَيْئا شَيْئا مِمَّا يثيره، وَأَجد الْوَاحِدَة بعد الْوَاحِدَة، من ذَلِك الْجَوْهَر، وَكلما وجدت شَيْئا؛ حرصت على الإثارة، وَطلب الْبَاقِي، إِلَى أَن أثرت جَمِيع الْبُسْتَان، فَوجدت جَمِيع ذَلِك الْجَوْهَر، مَا ضَاعَ لي مِنْهُ وَاحِدَة.
فَأَخَذته، وحمدت الله، وَعلمت أَنه قد بقيت لي بَقِيَّة من الإقبال صَالِحَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute