[زمنة مقعدة يشفيها الحنظل]
حَدثنِي المؤمل بن يحيى بن هَارُون، شيخ نَصْرَانِيّ يكنى بِأبي نصر، كَانَ ينزل بِبَاب الشَّام، رَأَيْته فِي سنة خمسين وثلثمائة، قَالَ: حَدثنِي قُرَّة بن السراج الْعقيلِيّ، وَكَانَ ينزل، إِذا جَاءَ من الْبَادِيَة، بشارع دَار الرَّقِيق بِالْقربِ من درب سُلَيْمَان، قَالَ: كَانَ عندنَا بالبادية، جَارِيَة بَالغ، زمنة، مقعدة سِنِين، وَمن عادتنا أَن نَأْخُذ الحنظل فنقور رءوسه، ونملأه بِاللَّبنِ الحليب، ونرد على كل وَاحِدَة رَأسهَا، وندفنها فِي الرماد الْحَار، حَتَّى تغلي، فَإِذا غلت، حسا كل وَاحِد منا من الحنظلة مَا فِي رَأسهَا من اللَّبن، فتسهله، وَتصْلح بدنه.
قَالَ: وَقد كُنَّا أَخذنَا فِي سنة من السنين، ثَلَاث حناظل، لثَلَاثَة أنفس، يشربونها، وَجَعَلنَا اللَّبن فِيهَا على الصّفة الْمَارَّة، فرأتها الْجَارِيَة الزمنة.
فلتبرمها من الْحَيَاة، وضجرها من الزمانة، خالفتنا إِلَى الحناظل الثَّلَاث، فحستها كلهَا، وَعلمنَا بذلك بعد أَن رَأينَا من قِيَامهَا مَا جزعنا مِنْهُ، وأيسنا من حَيَاتهَا، وخشينا أَن تعدينا، فأبعدناها عَن الْبيُوت.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل، انْقَطع قِيَامهَا، فمشت برجلها إِلَى أَن عَادَتْ إِلَى الْبيُوت لَا قلبة بهَا، وَعَاشَتْ بعد ذَلِك سِنِين، وَتَزَوَّجت، وَولدت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute