للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقْمَة بلقمة

حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن بكر الْخُزَاعِيّ البسطامي، صَاحب ابْن دُرَيْد، وَكَانَ زوج ابْنَته الغرانقة، وَكَانَ شَيخا من أهل الْأَدَب والْحَدِيث، قد استوطن الأهواز سِنِين، وَكَانَ ملازمًا لأبي رَحمَه الله، يتفقده ويبره، قَالَ: كَانَ لامْرَأَة ابْن، فَغَاب عَنْهَا غيبَة طَوِيلَة، وأيست مِنْهُ.

فَجَلَست يَوْمًا تَأْكُل، فحين كسرت اللُّقْمَة وأهوت بهَا إِلَى فِيهَا وقف بِالْبَابِ سَائل يستطعم، فامتنعت من أكل اللُّقْمَة، وحملتها مَعَ تَمام الرَّغِيف فتصدقت بهَا، وَبقيت جائعة يَوْمهَا وليلتها.

فَمَا مَضَت إِلَّا أَيَّام يسيرَة حَتَّى قدم ابْنهَا، فَأَخْبرهَا بشدائد عَظِيمَة مرت بِهِ.

وَقَالَ: أعظم مَا جرى عَليّ أَنِّي كنت مُنْذُ أَيَّام أسلك فِي أجمة فِي الْموضع الْفُلَانِيّ، إِذْ خرج عَليّ أَسد، فَقبض عَليّ من على ظهر حمَار كنت رَاكِبه، وغار الْحمار، ونشبت مخالب الْأسد فِي مرقعة كَانَت عَليّ، وَثيَاب تحتهَا وجبة، فَمَا وصل إِلَى بدني كَبِير شَيْء من مخالبه، إِلَّا أَنِّي تحيرت ودهشت وَذهب أَكثر عَقْلِي، وَهُوَ يحملني حَتَّى أدخلني أجمة كَانَت هُنَاكَ، وبرك عَليّ يفترسني.

فَرَأَيْت رجلا عَظِيم الْخلق، أَبيض الْوَجْه وَالثيَاب، قد جَاءَ حَتَّى قبض على الْأسد من غير سلَاح، وشاله وخبط بِهِ الأَرْض.

<<  <  ج: ص:  >  >>