إِسْحَاق الْموصِلِي يتطفل ويقترح
حَدثنِي أَبُو الْفرج الْمَعْرُوف بالأصبهاني رَحمَه الله تَعَالَى، إملاء من حفظه، وكتبته عَنهُ فِي أصُول سماعاتي مِنْهُ، وَلم يحضرني كتابي، فأنقله مِنْهُ، فأثبته من حفظي، وتوخيت أَلْفَاظه بجهدي، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن مزِيد بن أبي الْأَزْهَر، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: غَدَوْت يَوْمًا، وَأَنا ضجر من مُلَازمَة دَار الْخلَافَة، والخدمة فِيهَا، فركبت بكرَة، وعزمت على أَن أَطُوف الصَّحرَاء، وأتفرج بهَا.
فَقلت لغلماني: إِن جَاءَ رَسُول الْخَلِيفَة، فعرفوه أَنِّي بكرت فِي مُهِمّ لي، وأنكم لَا تعرفُون أَيْن تَوَجَّهت.
ومضيت، وطفت مَا بدا لي، ثمَّ عدت وَقد حمي النَّهَار، فوقفت فِي شَارِع المخرم، فِي الظل، عِنْد جنَاح رحب فِي الطَّرِيق، لأستريح.
فَلم ألبث أَن جَاءَ خَادِم يَقُود حمارا فارهًا، عَلَيْهِ جَارِيَة راكبة، تحتهَا منديل دبيقي، وَعَلَيْهَا من اللبَاس الفاخر مَا لَا غَايَة وَرَاءه، وَرَأَيْت لَهَا قوامًا حسنا، وطرفًا فاتنًا، وشمائل ظريفة، فحدست أَنَّهَا مغنية.
فَدخلت الدَّار الَّتِي كنت وَاقِفًا عَلَيْهَا، وعلقها قلبِي فِي الْوَقْت علوقًا شَدِيدا، لم أستطع مَعَه البراح.
فَلم ألبث إِلَّا يَسِيرا، حَتَّى أقبل رجلَانِ شابان جميلان، لَهما هيأة تدل على قدرهما، راكبان، فَاسْتَأْذَنا، فَأذن لَهما، فَحَمَلَنِي حب الْجَارِيَة على أَن نزلت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute