للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَين الْمهْدي وَيَعْقُوب بن دَاوُد

وَقُرِئَ على أبي بكر الصولي، وَأَنا حَاضر أسمع، حَدثكُمْ الْحسن الْعَنْبَري، قَالَ: أَمر الْمهْدي بِيَعْقُوب بن دَاوُد الْكَاتِب، بعد أَن نكبه، أَن يُؤْتى بِهِ إِلَيْهِ، فجَاء، وَقد انتضى لَهُ السَّيْف.

فَقَالَ: يَا يَعْقُوب.

قَالَ: لبيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، تَلْبِيَة مكروب لموجدتك، شَرق بِغَضَبِك.

فَقَالَ: ألم أرفع قدرك وَأَنت خامل، وأسير ذكرك وَأَنت غافل، وألبسك من نعم الله ونعمي، مَا لم أجد عنْدك طَاقَة لحمله، وَلَا قيَاما بشكره، فَكيف رَأَيْت الله أظهر عَلَيْك، ورد كيدك إِلَيْك؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن كنت قلت هَذَا بِعلم ويقين، فَأَنا معترف، وَإِن كَانَ بسعاية الساعين، فَأَنت بِمَا فِي أَكْثَرهَا عَالم، وَأَنا عَائِذ بكرمك، وعميم شرفك.

فَقَالَ: لَوْلَا مَا سبق لَك من رعايتي لاستحقاقك، لألبستك من الْمَوْت قَمِيصًا، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى المطبق.

فَذَهَبُوا بِهِ وَهُوَ يَقُول: الِاخْتِلَاط رحم، وَالْوَفَاء كرم، وَمَا على الْعَفو يذم، وَأَنت بالمحاسن جدير، وَأَنا بِالْعَفو خليق.

فَلم يزل مَحْبُوسًا، حَتَّى أطلقهُ الرشيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>