وَكَانَ هَذَا الرجل يخرج نَفسه من بعض المنافذ، ويقلب فَيصير فَوق الْبَيْضَة بحذق ولطف قد تعودهما، وَكَانَ قد جعل قَدِيما فَوق الْبَيْضَة حجر مدور كالرحى، لَهُ سفود حَدِيد، لَا يعرف الْغَرَض من تصييره هُنَاكَ لطول الزَّمَان، فيقلب الرجل نَفسه من النافذة، فيقعد فَوق تِلْكَ الرَّحَى، وَكَانَ الْقَائِم مَبْنِيا على حرف النجف، وَطوله إِلَى بطن النجف أَكثر من ألف ذِرَاع أَو نَحوه، فَيصير الرجل عَالِيا علوا عَظِيما، ويعجب النَّاس من ذَلِك، وَيَأْخُذهُ عَلَيْهِ مِنْهُم الْبر.
وَإِن رجلا أَتَاهُ وَهُوَ متنبذ، فَأعْطَاهُ شَيْئا ليصعد للقائم، فَفعل ذَلِك جَارِيا على عَادَته، فلغلبة النَّبِيذ عَلَيْهِ لم يتحرز التَّحَرُّز التَّام لما أخرج نَفسه من أحد المنافذ لينقلب على الرَّحَى، فاضطرب جِسْمه وعلق بالرحى، وَجَاء ليركبه، فانقلع الرَّحَى مَعَه، وهويا جَمِيعًا من ذَلِك الْعُلُوّ المفرط إِلَى بطن النجف، ولثقل الْحجر، وَأَن الرجل لم يكن تَحْتَهُ، مَا سبق الْحجر إِلَى الأَرْض، فتقطع قطعا، وَدخلت الرّيح فِي ثِيَاب الرجل، وَرَآهُ النَّاس فصاحوا، وَكَبرُوا عجبا، وَالرِّيح تحمل الرجل على مهل، حَتَّى طرحته فِي قَرَار النجف، فَقَامَ يمشي، مَا أَصَابَهُ شَيْء أَلْبَتَّة، حَتَّى صعد من مَوضِع سهل أمكنه الصعُود مِنْهُ إِلَى إِصْبَع خفان.
وحَدثني أَن هَذَا شَائِع ذائع بِالْكُوفَةِ، لم يكن فِي عمره، وَلَكِن أخبر بِهِ جمَاعَة كَبِيرَة من شُيُوخ الْكُوفَة.