للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصَّة سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي النَّصْرَانِي

وجدت فِي بعض الْكتب: كَانَ بسر من رأى، ثَلَاثَة إخْوَة نَصَارَى أنباريون، أحدهم مُوسر، وَلم يسم، وَالثَّانِي متجمل، يُقَال لَهُ: عون، وَالثَّالِث يُقَال لَهُ: سَلمَة، فَقير، فآل أَمر سَلمَة فِيمَا يكابده من شدَّة الْفقر، إِلَى أَن تعذر عَلَيْهِ قوت يَوْمه.

فَمضى إِلَى أَخِيه عون، وَسَأَلَهُ أَن يتلطف إِلَى أَخِيه المسر، فِي أَن يشْغلهُ فِيمَا يعود عَلَيْهِ نَفعه، ويخدمه فِيهِ، بَدَلا من الْغَرِيب.

فَامْتنعَ الْأَخ الْمُوسر من ذَلِك، وعاوده دفعات، واستعطفه، وضره يتزايد.

فَقَالَ الْمُوسر، على سَبِيل الولع: إِن شَاءَ أَن أصيره مَكَان الشاكري، وصبر على الْعَدو، فعلت.

فَعرض عون على سَلمَة ذَلِك، فَقَالَ سَلمَة: مَا عرض أخونا عَليّ هَذَا إِلَّا لأمتنع، ويجعله حجَّة، وَأَنا أستجيب إِلَيْهِ وأصبر، وأرجع إِلَى الله، تَعَالَى، فِي كشف الْحَال الَّتِي أكون فِيهَا مَعَه، وَأَرْجُو الْفرج ببغيه عَليّ، وَلَا أَضَع نَفسِي بِمَسْأَلَة النَّاس، فَفعل ذَلِك.

فَكَانَ أَخُوهُ يركب، وَهُوَ يمشي فِي أَثَره بطليسان ونعل، حَتَّى لَا يظْهر أَنه غُلَامه، وَإِذا نزل فِي مَوضِع؛ لحقه، وَأخذ ركابه، وتسلم المركوب، وَحفظه إِلَى أَن يخرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>