للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرِيب الدَّار لَيْسَ لَهُ صديق

ذكر عَن رجل كَانَ بِالْبَصْرَةِ، أَنه كَانَ ذَا يسَار، وتغيرت حَاله، فَخرج عَن الْبَصْرَة، ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وَقد أثرى، فَجعل يحدث بألوان لقيها إِلَى أَن قَالَ: تَغَيَّرت حَالي، إِلَى أَن دخلت بَغْدَاد، غَرِيبا، سليبا، لَا أهتدي إِلَى مَذْهَب وَلَا حِيلَة.

قَالَ: فَجعلت أسأَل: أَيْن السُّوق؟ أَيْن الطَّرِيق؟ إِلَى أَن ضجرت، فَقلت وَأَنا مكروب:

غَرِيب الدَّار لَيْسَ لَهُ صديق ... جَمِيع سُؤَاله أَيْن الطَّرِيق؟

تعلق بالسؤال بِكُل صقع ... كَمَا يتَعَلَّق الرجل الغريق

وَجعلت أردد ذَلِك وأمشي، وَإِذا بِرَجُل مشرف من منظر، فَقَالَ لي:

ترفق يَا غَرِيب فَكل عبد ... تطيف بِحَالهِ سَعَة وضيق

وكل مُصِيبَة تَأتي ستمضي ... وَإِن الصَّبْر مسلكه وثيق

فخف مَا بِي، وَرفعت رَأْسِي إِلَيْهِ، وَسَأَلته عَن خَبره.

فَقَالَ: اصْعَدْ إِلَيّ أحَدثك، فَصَعدت إِلَيْهِ.

فَقَالَ: وَردت هَذَا الْبَلَد، وَأَنا غَرِيب، فتحيرت، وَالله، كتحيرك،

<<  <  ج: ص:  >  >>