للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ من غير دائه وَهُوَ صَالح

أَخْبرنِي أَبُو الْفرج الْمَعْرُوف بالأصبهاني، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن مزِيد بن أبي الْأَزْهَر، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: سرت إِلَى سر من رأى بعد قدومي من الْحَج، فَدخلت إِلَى الواثق بِاللَّه، فَقَالَ: بِأَيّ شَيْء أطرفتني من الْأَحَادِيث الَّتِي استفدتها من الْأَعْرَاب وأشعارهم؟ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ جلس إِلَيّ فَتى من الْأَعْرَاب فِي بعض الْمنَازل، فحاورني، فَرَأَيْت مِنْهُ أحلى مَا رَأَيْت من الفتيان، منْظرًا، وحديثًا، وظرفًا، وأدبًا.

فاستنشدته، فأنشدني:

سقى الْعلم الْفَرد الَّذِي فِي ظلاله ... غزالان مكتنّان مؤتلفان

إِذا أمنا ألتفّا بجيد تواصلٍ ... وطرفاهما للريب مسترقان

أردتهما ختلًا فَلم أستطعهما ... ورميًا ففاتاني وَقد قتلاني

ثمَّ تنفس تنفسًا، ظَنَنْت أَنه قد قطع حيازيمه.

فَقلت لَهُ: مَا لَك بِأبي أَنْت؟ فَقَالَ: وَرَاء هذَيْن الجبلين شجني، وَقد حيل بيني وَبَين الْمُرُور بِهَذِهِ الْبِلَاد، ونذروا دمي، فَأَنا أتمتع بِالنّظرِ إِلَى هذَيْن الجبلين، تعللًا بهما، إِذا قدم الْحَاج، ثمَّ يُحَال بيني وَبَين ذَلِك.

فَقلت لَهُ: زِدْنِي مِمَّا قلت، فأنشدني:

<<  <  ج: ص:  >  >>