للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذا مَا وَردت المَاء فِي بعض أَهله ... حُضُور فعرّض بِي كأنّك مازح

فَإِن سَأَلت عنّي حُضُور فَقل لَهَا ... بِهِ غيرٌ من دائه وَهُوَ صَالح

فَأمرنِي الواثق، فَكتبت الشعرين.

فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام دَعَاني، فَقَالَ لي: قد صنع بعض عَجَائِز دَارنَا فِي أحد الشعرين لحنًا، فاسمعه، فَإِن ارتضيته أظهرناه، وَإِن رَأَيْت فِيهِ مَوضِع إصْلَاح أصلحناه.

ثمَّ غَنِي لنا بِهِ من وَرَاء الستارة، فَكَانَ فِي غَايَة الْجَوْدَة، وَكَذَلِكَ كَانَ يصنع إِذا وضع لحنًا.

فَقلت لَهُ: أحسن، وَالله، صانعه، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.

فَقَالَ: بحياتي؟ فَقلت: إِي وحياتك، وَحلفت لَهُ بِمَا وثق بِهِ.

فَأمر لي برطل، فَشَربته، ثمَّ أَخذ الْعود، فغناه ثَلَاث مَرَّات، وسقاني عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَرْطَال، وَأمر لي بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم.

فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام، دَعَاني، فَقَالَ: قد صنع بعض عَجَائِز دَارنَا فِي الشّعْر الآخر لحنًا، وَأمر فغني بِهِ، فَكَانَ حَالي مثل الْحَال فِي الشّعْر الأول، وَحلفت لَهُ على جودته، فغناه ثَلَاث مَرَّات، وسقاني ثَلَاثَة أَرْطَال، وَأمر لي بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم.

ثمَّ قَالَ: هَل قضيت حق حَدِيثك؟ فَقلت: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَطَالَ الله بَقَاءَك، وَأتم نعْمَته عَلَيْك.

فَقَالَ: وَلَكِنَّك لم تقض حق الْأَعرَابِي، وَلَا سَأَلتنِي معونته على أمره؟ وَقد سبقت مسألتك، وكتبت بِخَبَرِهِ إِلَى صَاحب الْحجاز، وأمرته بتجهيزه، وخطبة

<<  <  ج: ص:  >  >>