للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي يلتقط جواهره المبعثرة لم يفقد مِنْهَا شَيْئا

حَدثنِي أَبُو عَليّ بن أبي عبد الله بن الْجَصَّاص، قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: اتّفق أَنِّي كنت يَوْم قبض عَليّ المقتدر جَالِسا فِي دَاري، وَأَنا ضيق الصَّدْر، ضيقا شَدِيدا، لَا أعرف سَببه.

وَكَانَ من عادتي إِذا لَحِقَنِي مثل ذَلِك، أَن أخرج جَوَاهِر عِنْدِي فِي درج معزولة لهَذَا، من ياقوت أَحْمَر وأزرق وأصفر، وحبا كبارًا ودرا فاخرا، يكون قيمَة الْجَمِيع خمسين ألف دِينَار، وَأكْثر، وأستدعي صينية ذهب لَطِيفَة، فأجعله فِيهَا، وألعب بِهِ، وأفلبه، فيزول ضيق صَدْرِي.

فاستدعيت ذَلِك الدرج، فجاءوني بِهِ بِلَا صينية، فأنكرت ذَلِك، وَأمرت بإحضارها، وَفتحت الدرج، وفرغت مَا فِيهِ فِي حجري، ورددته على الْخَادِم، وأنفذته يجيئني بالصينية، وَأَنا جَالس فِي بُسْتَان، فِي صحن دَاري، فِي يَوْم بَارِد، طيب الشَّمْس، وَهُوَ مزهر بصنوف الشقائق والمناثير، وَأَنا أَلعَب بِتِلْكَ الْجَوَاهِر، إِذْ دخل النَّاس إِلَيّ بالصياح وَالْمَكْرُوه والكبس، فقربوا مني.

<<  <  ج: ص:  >  >>