كَيْفيَّة إغراء الْعمَّال بِأخذ الْمرَافِق
وَقَالَ: ورد علينا فِي وَقت من الْأَوْقَات، بعض الْعمَّال مُتَقَلِّدًا للأهواز، من قبل السُّلْطَان، فتتبع رسومنا، ورام نقض شَيْء مِنْهَا.
فَكنت أَنا وَجَمَاعَة من التناء فِي الْمُطَالبَة، وَكَانَ فِيهَا ذهَاب غلاتنا فِي تِلْكَ السّنة، لَو تمّ علينا، وَذَهَاب أَكثر قيمَة ضياعنا.
فَقَالَ لي الْجَمَاعَة: لَيْسَ لنا غَيْرك، تَخْلُو بِهِ، وتبذل لَهُ مرفقا، وتكفيناه.
فَجِئْته، وخلوت بِهِ، وبذلت لَهُ مرفقا جَلِيلًا، فَلم يقبله، وَدخلت عَلَيْهِ بالْكلَام من غير وَجه، فَمَا لَان، وَلَا أجَاب.
فَلَمَّا يئست مِنْهُ، وكدت أَن أقوم؛ قلت لَهُ: يَا هَذَا الرجل، أَنْت مُقيم من هَذَا الْأَمر، على خطإ شَدِيد؛ لِأَنَّك تظلمنا، وتزيل رسومنا، من حَيْثُ لَا يحمدك السُّلْطَان، وَلَا تنْتَفع أَنْت أَيْضا بِذَاكَ.
وَمَعَ هَذَا فَأَخْبرنِي، هَل تأمن أَن تكون قد صرفت، وَكتاب صرفك فِي الطَّرِيق، يرد عَلَيْك بعد يَوْمَيْنِ، أَو ثَلَاثَة، فَتكون قد أهلكتنا، وأثمت فِي أمورنا، وفاتك هَذَا الْمرْفق الْجَلِيل، ولعلنا نَحن نكفي، وَيَجِيء غَيْرك، فَلَا يطالبنا، أَو يطالبنا فنبذل لَهُ نَحن هَذَا الْمرْفق، فيقبله، وَيكون الضَّرَر يدْخل عَلَيْك.
فحين سمع هَذَا وَافق، كَأَنَّهُ قد علم من أمره ضعفا بِبَغْدَاد، وتلونا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute