للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصَّة حائك الْكَلَام

وَذكر أَبُو الْحُسَيْن القَاضِي، فِي كِتَابه، قَالَ: بَلغنِي عَن عَمْرو بن مسْعدَة، أَنه قَالَ: كنت مَعَ الْمَأْمُون عِنْد قومه من بِلَاد الرّوم، حَتَّى إِذا نزل الرقة؛ قَالَ لي: يَا عَمْرو، أما ترى الرخجي، قد احتوى على الأهواز، وَهِي سلى الْخبز، وَجَمِيع الْأَمْوَال قبله، وَقد طمع فِيهَا، وكتبي مُتَّصِلَة فِي حملهَا، وَهُوَ يتعلل، ويتربص بِنَا الدَّوَائِر.

فَقلت: أَنا أكفي أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا، وأنفذ من يضطره إِلَى حمل مَا عَلَيْهِ.

فَقَالَ: مَا يقنعني هَذَا.

قلت: فيأمر أَمِير الْمُؤمنِينَ بأَمْره.

قَالَ: تخرج إِلَيْهِ بِنَفْسِك، حَتَّى تصفده بالحديد، وتحمله إِلَيّ، بعد أَن تقبض جَمِيع مَا فِي يَده من أَمْوَالنَا، وَتنظر فِي ذَلِك، وترتب فِيهِ عمالا.

فَقلت: السّمع وَالطَّاعَة، فَلَمَّا كَانَ من غَد؛ دخلت.

فَقَالَ: مَا فعلت فِيمَا أَمرتك بِهِ؟ قلت: أَنا على ذَاك.

قَالَ: أُرِيد أَن تجيئني فِي غَد مودعا.

قلت: السّمع وَالطَّاعَة، فَلَمَّا كَانَ من غَد؛ جِئْت مودعا.

فَقَالَ: أُرِيد أَن تحلف لي، أَنَّك لَا تقيم بِبَغْدَاد إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا، فاضطربت من ذَلِك، إِلَى أَن حظر عَليّ واستخلفني أَن لَا أقيم فِيهَا أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، فَخرجت، وَأَنا مُضْطَرب مغموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>