للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره

حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن العبقسي الشَّاعِر، قَالَ: كَانَ لأبي مَمْلُوك، يُسمى: مُقبلا، فأبق مِنْهُ، وَلم يعرف لَهُ خبر سِنِين كَثِيرَة، وَمَات أبي وتغربت عَن بلدي، وَوَقعت إِلَى نَصِيبين، وَأَنا حدث حِين اتَّصَلت لحيتي، وَأَنا مجتاز يَوْمًا فِي سوق نَصِيبين، وَعلي لِبَاس فاخر، وَفِي كمي منديل فِيهِ دَرَاهِم كَثِيرَة، حَتَّى رَأَيْت غلامنا مُقبلا.

فحين رَآنِي انكب على يَدي يقبلهَا، وَأظْهر سُرُورًا شَدِيدا بِي، وَأَقْبل يسألني عَن أبي وأهلنا، فأعرفه موت من مَاتَ، وَخبر من بَقِي.

ثمَّ قَالَ لي: يَا سَيِّدي، مَتى دخلت إِلَى هَهُنَا، وَفِي أَي شَيْء؟ فعرفته، فَأخذ يعْتَذر من هربه منا.

ثمَّ قَالَ: أَنا مستوطن هَهُنَا، وَأَنت مجتاز، فَلَو أَنْعَمت عَليّ وَجئْت فِي دَعْوَتِي، فَأَنا أحضر لَك نبيذا طيبا، وغناء حسنا.

فاغتررت بِهِ، بالصبا، ومضيت مَعَه، حَتَّى بلغ بِي إِلَى آخر الْبَلَد، إِلَى دور خراب، ثمَّ انْتهى إِلَى دَار عامرة، مغلقة الْبَاب، فدق، فَفتح لَهُ، فَدخل وَدخلت.

فحين حصلت فِي الدهليز؛ أغلق الْبَاب بِسُرْعَة، واستوثق مِنْهُ، فأنكرت

<<  <  ج: ص:  >  >>