للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك، وَدخلت الدَّار، فَإِذا بِثَلَاثِينَ رجلا بِالسِّلَاحِ، وهم جُلُوس على بَارِية، فَلم أَشك فِي أَنهم لصوص، وأيقنت بِالشَّرِّ.

وبادرني أحدهم، فلطمني، وَقَالَ: انْزعْ ثِيَابك، فطرحت كل مَا كَانَ عَليّ، حَتَّى بقيت بسراويل، فحلوا الدَّرَاهِم الَّتِي كَانَت فِي منديلي، وأعطوا مُقبلا شَيْئا مِنْهَا، وَقَالُوا: امْضِ، فهات لنا بِهَذَا مَا نأكله ونشربه.

فَتقدم مقبل، وَسَار وَاحِدًا مِنْهُم، فَقَالَ لَهُ مجيبا: وَأي شَيْء يفوتنا من قَتله، امْضِ فَجِئْنَا بِمَا نأكله، فَإنَّا جِيَاع.

فَلَمَّا سَمِعت ذَلِك كدت أَمُوت جزعا، فَقَالَ لَهُم الْغُلَام، مظْهرا للْكَلَام: مَا أمضي، أَو تقتلوه.

فَقلت لَهُم: يَا قوم، مَا ذَنبي حَتَّى أقتل، قد أَخَذْتُم مَا معي، ولستم ترثوني إِذا قتلتموني، وَلَا لي حَال عير مَا أخذتموه، فاللهَ اللهَ فيّ.

ثمَّ أَقبلت أستعطف مُقبلا، وَهُوَ لَا يجيبني، وَيَقُول لَهُم: إِنَّكُم إِن لم تقتلوه، حَتَّى يفلت؛ دلّ السُّلْطَان عَلَيْكُم، فتقتلون كلكُمْ.

قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيّ أحدهم بِسيف مسلول، وسحبني من الْموضع الَّذِي كنت فِيهِ إِلَى البالوعة؛ ليذبحني.

وَكَانَ بقربي غُلَام أَمْرَد، فتعلقت بِهِ، وَقلت: يَا فَتى، ارْحَمْنِي، وأجرني، فَإِن سنك قريب من سني، واستدفع الْبلَاء من الله، تَعَالَى، بخلاصي.

فَوَثَبَ الْغُلَام، وَطرح نَفسه عَليّ، وَقَالَ: وَالله لَا يقتل وَأَنا حَيّ، وجرد سَيْفه.

وَقَامَ أستاذه بقيامه، وَقَالَ: لَا يقتل من أجاره غلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>