وَاخْتلفُوا، وَصَارَ مَعَ الْغُلَام جمَاعَة مِنْهُم، فانتزعوني، وجعلوني فِي زَاوِيَة من الْبَيْت الَّذِي كَانُوا فِيهِ، ووقفوا بيني وَبَين أَصْحَابهم.
فَقَالَ لَهُم رئيسهم: كفوا عَن الرجل إِلَى أَن نَنْظُر فِي أمره، وَشتم مُقبلا، وَقَالَ: تمض، فهات مَا نأكله قبل كل شَيْء، فَإنَّا جِيَاع، وَلَيْسَ يفوتنا قَتله، إِن اتفقنا عَلَيْهِ.
فَمضى مقبل، وجاءهم بمأكول كثير، وجلسوا يَأْكُلُون، وَترك جمَاعَة مِنْهُم الْأكل حراسة لي؛ لِئَلَّا يغتالني أحدهم إِذا تشاغلوا بِالْأَكْلِ.
فَلَمَّا أكلُوا؛ انْفَرد بعض من كَانَ يتعصب لي بحراستي، وَأكل من لم يكن أكل مِنْهُم.
ثمَّ أفضوا إِلَى الشَّرَاب، فَقَالَ لَهُم مقبل: الْآن قد أكلْتُم، وَترك هَذَا يُؤَدِّي إِلَى قتلكم، فدعوا الْخلاف فِي أمره، واقتلوه.
فَوَثَبَ من يُرِيد قَتْلِي، وثب الْغُلَام، وَمن مَعَه؛ للدَّفْع عني، وَطَالَ الْكَلَام بَينهم، وَأَنا فِي الزاوية، وَقد اجْتمع عَليّ من يمْنَع من قَتْلِي، فصرت بَينهم وَبَين الْحَائِط، إِلَى أَن جرد بَعضهم السيوف على بعض.
فَقَالَ لَهُم رئيسهم: هَذَا الَّذِي أَنْتُم فِيهِ يُؤَدِّي إِلَى تلفكم، وَقد رَأَيْت رَأيا فَلَا تخالفوه.
فَقَالُوا: إِنَّا بِأَمْرك.
فَقَالَ: أغمدوا السِّلَاح، واصطلحوا، وَنَشْرَب إِلَى وَقت نُرِيد أَن نخرج من هَذِه الدَّار، ثمَّ نكتفه، ونسد فَاه، وندعه فِي الدَّار، وننصرف،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute