للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمِير الْبَصْرَة يجمع بَين متحابين

روى أَبُو روق الهزاني، عَن الرياشي: أَن بعض أهل النعم بِالْبَصْرَةِ، اشْترى جَارِيَة، وَأحسن تأديبها وَتَعْلِيمهَا، وأحبها حبا شَدِيدا، وَأنْفق عَلَيْهَا حَتَّى أملق، ومسّهما الضّر الشَّديد، والفقر المبيد.

فَقَالَ لَهَا يَوْمًا: قد تَرين مَا صرنا إِلَيْهِ من الْفقر، وَوَاللَّه، لموتي وَأَنت معي، أَهْون عَليّ مِمَّا أذكرهُ لَك، ويسوءني أَن أَرَاك على غير الْحَالة الَّتِي تسرني فِيك، وَنِهَايَة الْأَمر بِنَا، أَن تحل بأحدنا منيته، فَيقْتل الآخر نَفسه عَلَيْهِ، فَإِن رَأَيْت أَن أبيعك لمن يحسن إِلَيْك، فَيغسل عَنْك مَا أَنْت فِيهِ، وأتفرج أَنا بِمَا لَعَلَّه يصير إِلَيّ من الشَّيْء من ثمنك، ولعلك تحصلين عِنْد من تتوصلين إِلَى نفعي مَعَه.

فَقَالَت: وَالله لموتي وَأَنا على تِلْكَ الْحَالة، أَهْون عَليّ من انتقالي إِلَى غَيْرك، وَلَكِن أفعل مَا بدا لَك.

وَقَالَت لَهُ الْجَارِيَة: إِنِّي لأرثي لَك يَا مولَايَ، مِمَّا أرى بك من سوء الْحَال، فَلَو بعتني فانتفعت بثمني، فَلَعَلَّ الله أَن يصنع لَك صنعا جميلًا، وأقع أَنا بِحَيْثُ يحسن حَالي، فَيكون ذَلِك أصلح لكل وَاحِد منا.

فَخرج، وعرضها للْبيع، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أحد أصدقائه، مِمَّن لَهُ رَأْي، أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>