فَإِنَّهُ لَا يتَمَكَّن من الْخُرُوج وَرَاءَنَا، وَلَا الصياح علينا.
وَإِلَى أَن نصبح من غَد، نَكُون قد قَطعنَا مفازة، وَلَا يجرح بَعْضكُم بَعْضًا، وَلَا تتفرق كلمتكم.
فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وجلسوا يشربون.
وَجَاء الْغُلَام ليشْرب مَعَهم، فَقلت لَهُ: اللهَ اللهَ فيّ، تمّمْ مَا عملت من الْجَمِيل، وَلَا تشرب مَعَهم، واحرسني؛ لِئَلَّا يثب عَليّ وَاحِد مِنْهُم على غَفلَة، فيضربني ضَرْبَة يكون فِيهَا تلف نَفسِي، ثمَّ لَا تتمكن أَنْت من ردهَا، وَلَا يَنْفَعنِي أَن تقتل قاتلي.
فرحمني، وَقَالَ: أفعل، ثمَّ قَالَ لأستاذه: أحب أَن تتْرك شربك اللَّيْلَة، فتفعل كَمَا أفعل.
فجاءا جَمِيعًا فَجَلَسَا قدامي، وَأَنا فِي الزاوية، أتوقع الْمَوْت سَاعَة بساعة، إِلَى أَن مضى من اللَّيْل قِطْعَة.
وَقَامَ الْقَوْم فتحزموا، ولبسوا ثِيَابهمْ، وَخَرجُوا، وَبَقِي الْغُلَام وأستاذه.
فَقَالَا لي: يَا فَتى، قد علمت أننا قد خلصنا دمك، فَلَا تكافئنا بقبيح، وهوذا نخرج، وَلَا نستحسن أَن نكتفك، فاحذر أَن تصيح.
فَأخذت أقبل أَيْدِيهِمَا وأرجلهما، وَأَقُول: أَنْتُمَا أحييتماني بعد الله، تَعَالَى، فَكيف أكافئكما بالقبيح؟ فَقَالَا: قُم مَعنا، فَقُمْت، ففتشنا الدَّار، حَتَّى علمنَا أَنه لم يختبئ فِيهَا أحد يُرِيد قَتْلِي.
ثمَّ قَالَا لي: قد أمنت، فَإِذا خرجنَا فاستوثق من الْبَاب ونم وَرَاءه، فَلَيْسَ يكون إِلَّا خيرا، وخرجا.
فاستوثقت من غلق الْبَاب، ثمَّ جزعت جزعا عَظِيما، وَلم أَشك أَنه يخرج عَليّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute